لم تصدق أم حبيبة سمعها ، فلما أعادت عليها مولاة النجاشي الرسالة التي جاءتها بها ، استيقنت من البشرى فنزعت سوارين لها من فضة ، قدمتهما إلى أبرهة حلاوة البشرى [1] . ثم أرسلت إلى ( خالد ابن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس ) - كبير المهاجرين من قومها بني أمية ، فوكلته في زواجها . وتم عقد الزواج ، وأولم النجاشي وليمته لشهود العقد من المسلمين المهاجرين . وباتت أم حبيبة ليلتها وهي أم المؤمنين . وفي الصباح حملت إليها مولاة النجاشي هدايا نسائه من عود وعنبر وطيب . فقالت أم المؤمنين وهي تقدم إليها خمسين دينارا ، من صداقها : ( كنت أعطيتك السوارين أمس وليس بيدي شئ من المال ، وقد جاءني الله عز وجل بهذا ) . فأبت الفتاة أن تمس الدنانير ، وردت السوارين قائلة إن الملك أجزل لها العطاء وأمرها ألا تأخذ من السيدة زوج النبي العربي شيئا ، كما أمر نساءه أن يبعثن إليها مما عندهن من طيب . وتقبلت أم المؤمنين الهدية شاكرة ، فاحتفظت بها حتى حملتها معها إلى بيت النبي حين تركت الحبشة إلى المدينة في السنة السادسة للهجرة ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يرى عندها طيب الحبشة وعودها فلا ينكره . ( 1 )
[1] الإصابة : الجزء الثامن . وتاريخ الطبري 3 / 89 . والسمط الثمين للمحب الطبري : 97 ، 98 .