في انتظار عودة عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة من الحبشة ، التمست قريش غفوة تنسى فيها قهرها وهمها ، وتستمرئ مذاق أحلامها برجوع وافديها إلى النجاشي ، ومعهما المهاجرون مطرودين من جواره وأرضه ، لتسومهم سوء العذاب فيكونوا عبرة لغيرهم من المسلمين ، لا رجاء لاحد منهم بعدها في مهرب ، وقريش من ورائهم تطاردهم فتدركهم حيثما ذهبوا ، فكأنهم وإياها نابغة بني ذبيان إذ يقول للنعمان ابن المنذر : فإنك كالليل الذي هو مدركي * وإن خلت أن المنتأى عنك واسع لكنها غفوة لم تطل : خبر تردد في أحياء مكة ، هز مضاجع الغافين وأطار النوم من عيونهم ومزق أحلامهم بددا . واسترابوا في يقظتهم تحت صدمة المباغتة ، فخيل إليهم أن ما يسمعون عن ( عمر بن الخطاب ) لا يعدو أن يكون من أضغاث الهواجس وهذيان الوهم . أيمكن أن يسلم عمر ؟ لا بد أن من نقل الخبر وهم فيه كما وهمت ( أم عبد الله بن عامر ) حين مر بها عمر بن الخطاب وهي وأهلها يترحلون إلى أرض الحبشة ، وقد خرج زوجها عامر بن ربيعة في بعض حاجاتهم . قال لهم عمر : إنه للانطلاق يا أم عبد الله ؟