قال : فاستقبلهم راع ، فقالوا : يا أيها الراعي هل من شربه لبن أو ماء ؟ فقال الراعي : عندي ما تحبون ، ولكن أرى وجوهكم وجوه الملوك ، وما أظنكم الا هرابا من دقيوس الملك ، قالوا : يا أيها الراعي لا يحل لنا الكذب ، أفينجينا منك الصدق ؟ فأخبروه بقصتهم ، فانكب الراعي على أرجلهم يقبلها ، ويقول : يا قوم لقد وقع في قلبي ما وقع في قلوبكم ، و لكن أمهلوني حتى أرد الأغنام على أربابها ، والحق بكم ، فتوقفوا له ، فرد الأغنام واقبل يسعى فتبعه كلب له . قال : فوثب اليهودي ، فقال يا علي : ما كان اسم الكلب ؟ وما لونه ؟ فقال علي عليه السلام : لا حول ولا قوه الا بالله العلى العظيم اما لون الكلب ، فكان أبلق بسواد واما اسم الكلب فقطمير ، فلما نظر الفتية إلى الكلب قال بعضهم : انا نخاف ان يفضحنا بنباحه فانحوا عليه ( 1 ) بالحجارة فأنطق الله تعالى الكلب : ذروني أحرسكم من عدوكم . فلم يزل الراعي يسير بهم حتى علاهم جبلا ، فانحط بهم على كهف يقال له : الوصيد ، فإذا بفناء الكهف عيون وأشجار مثمرة ، فأكلوا من ثمارها وشربوا من الماء وجنهم الليل ، فأووا إلى الكهف . فأوحى الله عز وجل إلى ملك الموت بقبض أرواحهم ، ووكل الله بكل رجلين ملكين يقلبانهما من ذات اليمين إلى ذات الشمال . وأوحى الله عز وجل إلى خزان الشمس ، فكانت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وتقرضهم ذات الشمال فلما رجع دقيوس من عيده سأل عن الفتية ، فأخبر انهم خرجوا هرابا فركب في ثمانين الف حصان ، فلم يزل يقفوا أثرهم حتى علا فانحط إلى كهفهم ، فلما نظر إليهم إذا هم نيام ، فقال الملك : لو أردت ان أعاقبهم بشئ لما عاقبتهم بأكثر مما عاقبوا أنفسهم ، ولكن ائتوني بالبنائين ، فسد باب الكهف بالكلس والحجارة ، وقال لأصحابه : قولوا لهم : يقولوا لإلههم الذي في السماء لينجيهم ، وان يخرجهم من هذا الموضع . قال علي عليه السلام يا أخا اليهود ، فمكثوا ثلاثمائة سنه وتسع سنين ، فلما أراد الله ان يحييهم امر إسرافيل ان ينفخ فيهم الروح ، فنفخ فقاموا من رقدتهم فلما بزغت الشمس ، قال بعضهم :