نام کتاب : قصص الأنبياء نویسنده : ابن كثير جلد : 1 صفحه : 95
" ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملا من قومه سخروا منه " أي يستهزئون به استبعادا لوقوع ما توعدهم به ، " قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون " أي نحن الذين نسخر منكم ونتعجب منكم في استمراركم على كفركم وعنادكم الذي يقتضى وقوع العذاب بكم وحلوله عليكم . " فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم " . وقد كانت سجاياهم الكفر الغليظ والعناد البالغ في الدنيا ، وهكذا في الآخرة فإنهم يجحدون أيضا أن يكون جاءهم رسول . كما قال البخاري : حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا عبد الواحد بن زياد ، حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يجئ نوح عليه السلام وأمته ، فيقول الله عز وجل هل بلغت ؟ فيقول : نعم أي رب . فيقول لامته هل بلغكم ؟ فيقولون : لا ما جاءنا من نبي ، فيقول لنوح : من يشهد لك ؟ فيقول : محمد وأمته ، فتشهد أنه قد بلغ " وهو قوله تعالى : وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ، ويكون الرسول عليكم شهيدا [1] " . والوسط العدل . فهذه الأمة تشهد على شهادة نبيها الصادق المصدوق ، بأن الله قد بعث نوحا بالحق ، وأنزل عليه الحق وأمره به ، وأنه بلغه إلى أمته على أكمل الوجوه وأتمها ، ولم يدع شيئا مما ينفعهم في دينهم إلا وقد أمرهم به ، ولا شيئا مما قد يضرهم إلا وقد نهاهم عنه ، وحذرهم منه .