نام کتاب : قصص الأنبياء نویسنده : ابن كثير جلد : 1 صفحه : 328
وكانت دعوته لهما في هذا الحال في غاية الكمال ; لان نفوسهما معظمة له ، منبعثة على تلقى ما يقول بالقبول ، فناسب أن يدعوهما إلى ما هو الأنفع لهما مما سألا عنه وطلبا منه . ثم لما قام بما وجب عليه وأرشد إلى ما أرشد إليه قال : " يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقى ربه خمرا " [ قالوا وهو الساقي [1] ] " وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه " [ قالوا وهو الخباز ( 1 ) ] " قضى الامر الذي فيه تستفتيان " أي وقع هذا لا محالة ، ووجب كونه على كل حالة . ولهذا جاء في الحديث : " الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر ( 2 ) ; فإذا عبرت وقعت " . [ وقد روى عن ابن مسعود ومجاهد و عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أنهما قالا : لما نر شيئا فقال لهما : " قضى الامر الذي فيه تستفتيان ( 3 ) " ] " وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين " . يخبر تعالى أن يوسف قال للذي ظنه ناجيا منهما وهو الساقي : " اذكرني عند ربك " ، يعنى أذكر أمرى وما أنا فيه من السجن بغير جرم عند الملك . وفى هذا دليل على جواز السعي ( 4 ) في الأسباب ، ولا ينافي ذلك التوكل على رب الأرباب . وقوله : " فأنساه الشيطان ذكر ربه " أي فأنسى الناجي منهما الشيطان أن يذكر ما وصاه به يوسف عليه السلام . قاله مجاهد ومحمد بن
[1] سقطت من ا . ( 2 ) ا : ما لم تقص . ( 3 ) سقطت من المطبوعة . ( 4 ) ا : الساعي .
328
نام کتاب : قصص الأنبياء نویسنده : ابن كثير جلد : 1 صفحه : 328