لاستصلاح دنياهم إلا فتح الله عليهم ما هو أضر لهم منه . . . عن أبي مريم قال : سمعت عمّار بن ياسر - ونحن بصفين - يقول : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال لعلي بن أبي طالب : إنّ الله زيّنك بزينة لم يتزين العباد بشئ أحب إلى الله منها وهو زينة الأبرار عند الله تعالى : زهدك في الدنيا ، فجعلك لا تنال منها ولا تنال الدنيا منك شيئاً . وروي إنّ علي بن أبي طالب كرم الله وجهه خرج إلى السوق - وعليه ثياب غليظة غير غسيل - فقيل له يا أمير المؤمنين لو لبست ألين من هذا ، فقال : هذا أخشع للقلب ، فأشبه بشعار الصالحين فأحسن أن يقتدي به المؤمن . 6 - وأمّا الكرم والإفضال : فقد كانت شريعة المسيح صلوات الله عليه مبنية على الكرم ، وذلك انه كان في شريعته إذا لطم أحدهم على خدّه اليمنى كان يجب على الملطوم إنّ يعرض بوجهه عنه ولا ينتصر ولا يكافيه ، بل يريه خده اليسرى ليضربها أيضاً إنّ شاء ، وهذا هو أصل الكرم في اللغة . . . وذلك قوله عزّوجلّ : ( وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً ) [1] أي معرضين عنه يدل عليه قوله عزّوجلّ في موضع آخر : ( وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ ) [2] . فكذلك المرتضى رضوان الله عليه . . . من كرمه ما روي إنّ ابن ملجم - لعنه الله - كان يدخل عليه فيقرّبه ويدنيه ويقول : هذا قاتلي ، ويتمثل بقوله الشاعر : < شعر > أريد حياته ويريد قتلي * عذيرك من خليلك من مرادي < / شعر > ومن ذلك : ما روي إنّ رجلا أتى أمير المؤمنين رضوان الله عليه وقال : إنّ لي حاجة رفعتها إلى الله تعالى قبل أن ارفعها إليك ، فان قضيتها فالحمد لله وأشكرك ، وإن لم تقضها لي أحمد الله واعذرك ، فقال المرتضى رضوان الله عليه اكتب على وجه