العوام من الناس إنّ الحصور هو الذي لا يقدر على اتيان النساء ، وإن كان أصل اللغة كذلك في أحد الوجوه فيه ، فان معناه هو انه عليه السّلام من شدة اجتهاده وقهره هواه كأنه كان عاجزاً ولم يكن في الأصل عاجزاً ، وذلك لأن هذا العجز ليس مما يمدح به الإنس بل هو من المطاعن التي يطعن بها في الرجال ، وإنما المدح في الانتهاء والاجتناب عن ملائم الافعال ، والذي يؤيده قول المرتضى رضوان الله عليه " خيركم من يشتهي وينتهي " ألا ترى الله سبحانه كيف يمدح من آتى المال وهو يشتهيه فقال : ( وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى ) [1] أي لم يعط المال عن حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً لاستغناء بل انما أعطاه وهو محتاج اليه ونظيره قوله تعالى : ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ) [2] ولذلك مدح الله تعالى الذين يؤثرون على أنفسهم ، فقال : ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) [3] كل ذلك تأييد لما ذكرناه من معنى الحصور وحكمه . فكذا المرتضى رضوان الله عليه حفظه الله تعالى عن همز الشياطين في وقت ولادته مذكور ذلك في قصته ، ثم عصمه عن عبادة الأوثان وهداه إلى تلاوة القرآن ، وذلك لأنه اسلم وهو غير بالغ . 2 - وأما الكتاب والحكمة : فقوله تعالى : ( يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّة ) فأوتي علم التوراة وهو صبي صغير في حجر أبويه ، كذلك المرتضى رضوان الله عليه أوتي علم القرآن وهو صبي صغير . . . وأما الحكمة ، فقوله تعالى : ( وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ
[1] سورة البقرة : 177 . [2] سورة الدّهر : 8 . [3] سورة الحشر : 9 .