والخلاف ضعيف منشأه التعصّب الصّريح ، لأنّ بعض أقواله وأفعاله على إيمانه دليل صريح ، وقد ذكر الصالحاني عن الأئمة الأعلام ما يدلّ على أنّ أبا طالب مات على الإسلام ، كما نقل عن الإمام جعفر الصادق عليه السّلام - والله سبحانه أعلم بالحقائق - أن ميله إلى إسلامه يؤول حتّى قال : كذبوا ، كيف يكون كافراً وهو الذي يقول : - < شعر > ألم تعلموا أنّا وجدنا محمّداً * نبيّاً كموسى خطّ في أوّل الكتب < / شعر > وكما نقل عن عبد الله بن عبّاس الذي لا ريب في فضله أنه قيل له : مات أبو طالب كافراً ، فقال : فهذا قوله : < شعر > كذبتم وبيت الله نسلم أحمداً * ولمّا نقاتل دونه ونناضل ونتركه حتّى نصرّع حوله * ونذهل عن أبنائنا والحلائل " [1] < / شعر > وروى اليعقوبي : " لمّا قيل لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : إنّ أبا طالب قد مات ، عظم ذلك في قلبه واشتد له جزعاً ، ثم دخل فمسح جبينه الأيمن أربع مرات وجبينه الأيسر ثلاث مرات ، ثم قال : يا عمّ ، ربيت صغيراً وكفلت يتيماً ونصرت كبيراً ، فجزاك الله عنّي خيراً ، ومشى بين يدي سريره وجعل يعرضه ويقول : وصلتك رحم وجزيت خيراً ، وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : اجتمعت على هذه الأمة في هذه الأيام مصيبتان ، لا أدري بأيهما أنا أشدّ جزعاً . يعني مصيبة خديجة وأبي طالب " [2] . وروى الطبري بإسناده : " لما نثر ذلك السفيه التراب على رأس رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، دخل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بيته ، والتراب
[1] توضيح الدلائل في تصحيح الفضائل ، القسم الثّاني ص 242 من المخطوطة . [2] تاريخ اليعقوبي طبعة سنة 1384 ، ج 2 ، ص 28 .