فنزل إليه الشاب فقال : يا أمير المؤمنين إني قد شككت في قتال القوم ، فاغفر ذلك لي . فقال علي : بل يغفر الله الذنوب ، فاستغفره . ثم نادى علي « عليه السلام » قنبر ، فقال : يا قنبر ، ناد القوم ما نقمتم على أمير المؤمنين ؟ ألم يعدل في قسمتكم ، ويقسط في حكمكم ، ويرحم مسترحمكم ؟ لم يتخذ مالكم دولاً ، ولم يأخذ منكم إلا السهمين اللذين جعلهما الله : سهماً في الخاصة ، وسهماً في العامة ؟ فقالت الخوارج : يا قنبر ، إن مولاك رجل جدل ، ورجل خصم ، وقد قال الله تعالى : * ( بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ) * [1] ، وهو منهم ، وقد ردّنا بكلامه الحلو في غير موطن ، وجعلوا يقولون : والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين . قال علي « عليه السلام » : « يا ابن عباس انهض إلى القوم فادعهم بمثل الذي دعاهم به قنبر ، فإني أرجو أن يجيبوك » . فقال ابن عباس : يا أمير المؤمنين ألقي عليّ حلتي ، وألبس عليّ سلاحي ؟ فإني أخاف على نفسي . قال : بلى ، فانهض إليهم في حلتك ، فمن أيّ يوميك من الموت تفرّ ؟ يوم لم يقدر أو يوم قد قدر ؟ قال : فنهض ابن عباس إليهم ، وناداهم بمثل الذي أمره به . فقالت طائفة : والله لا نجيبه حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين . وقال أصحاب الحجج في أنفسهم منهم : والله لنجيبنه ، ولنخصمنّه ، ولنكفرنّه وصاحبه لا ينكر ذلك .