التحكيم وما جرى فيها ، فإنها من أعظم العبر . حتى إننا لنجد أصحاب علي « عليه السلام » يصرون عليه بأن يكتب ما يريدون لابن عباس ، أما أصحاب معاوية فلا يسألون عمرواً عن شيء إطلاقاً [1] . وقد لاحظ ذلك يوليوس فلهوزن فهو يقول : « إن الخوارج في العراق يحاربونه حرباً شديدة . وكان أهل البصرة متراخين متثاقلين عن نصرته إذا استثنينا أشخاصاً قلائل مثل أبي الأسود الدؤلي . . وكان أهل الكوفة معه بأهوائهم ، ولكنهم لم يكونوا معه بكل قواهم . وكان بينهم بعض المحاربين وبعض المائلين إلى عثمان . ولحق بعضهم بمعاوية » [2] . « ومن مظاهر الفساد في معسكر علي « عليه السلام » كثرة تدخل الجنود في شؤون قائدهم ؛ فكانوا يلاحقون كل رسول يروح ويجيء ويظنون بأميرهم الظنون . بينما كانت رسل معاوية تروح وتجيء فلا يسأل أصحابه عن سبب ذهابهم ، وأخبار عودتهم » [3] . حالة البصرة بالخصوص : وعن خصوص البصرة نقول : إنها كانت قادرة على أن تجند عشرات الألوف قد تزيد على ستين ألف مقاتل ، ولكن رغم ذلك لا ينفر منهم إلى علي « عليه السلام » سوى ألف وخمسمائة ، وبعد التهديد والوعيد ينضم إليهم مثلهم [4] .
[1] راجع الأخبار الطوال ص 197 و 198 . [2] تاريخ الدولة العربية ص 94 . [3] الخوارج في العصر الأموي ص 69 والطبري ج 6 - آ 3351 ط ليدن . [4] تاريخ ابن خلدون ج 2 ق 2 ص 179 وتاريخ الأمم والملوك للطبري ج 4 ص 58 والكامل لابن الأثير ج 3 ص 340 والإمامة والسياسة ج 1 ص 144 و 145 .