قال « عليه السلام » : « لا ، بل كانت تقتله ، إن لم يفعل ما فعلت » . ثم يستمر « عليه السلام » في إجابته ، فيذكر الفتوح ، التي جاءت بالثروة والمال ، ويقول : « ثم نسبت تلك الفتوح إلى آراء ولاتها ، وحسن تدبير الأمراء القائمين بها ، فتأكد عند الناس نباهة قوم ، وخمول آخرين ؛ فكنا نحن ممن خمل ذكره ، وخبت ناره ، وانقطع صوته وصيته ، حتى أكل الدهر علينا وشرب ، ومضت السنون ، والأحقاب بما فيها ؛ ومات كثير ممن يعرف ، ونشأ كثير ممن لا يعرف الخ . . » [1] . إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة ، والتي لا مجال لتتبعها . وأما السبب في أنهم قد أخفوا فضائله « عليه السلام » ، فهو إما العداوة والحسد ، أو الخوف ، أو ما إلى ذلك . حتى إذا ما أراد هو نفسه أن يذكرّ الناس بتلك الفضائل ، أو يذكرها لهم ؛ فإنهم يرمونه بأنه أراد بذلك الافتخار والإدلال ، والتكبر ، أو يكذبونه في ذلك ، ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً . قلة المخلصين في جيش علي « عليه السلام » : من جهة أخرى فإن أولئك الذين حاربوا علياً عليه الصلاة والسلام في الجمل ، والذين كانوا يتعاطفون مع عثمان في محنته ، قد أصبحوا الآن ولأكثر من سبب في جيش أمير المؤمنين « عليه السلام » ، يحاربون معه عدوه ، ويدافعون عن قضيته ! ! وواضح أنهم ، أو كثيراً منهم ، كانوا لا يمتلكون حداً معقولاً من الروادع الدينية والوجدانية .