فلا نوافق على قوله : انهم لم يطلبوا الدنيا . إذ انهم كانوا يطلبونها . . ولكنهم أيضاً كانوا يطلبون الحق فأخطأوه . وأصرح من ذلك : ما جاء من أنه « عليه السلام » « بلغه : أن الناس يرون تقديم الخوارج ( أي في القتال ) فقال لهم : إن قتال أهل الشام أهم علينا ، لأنهم يقاتلوكم ليكونوا ملوكاً جبارين ، ويتخذون عباداً لله خولاً . . » [1] . وعلى حد تعبير ابن قتيبة : « إلا أن غير هذه الخارجة أهم على أمير المؤمنين ، سيروا إلى قوم يقاتلونكم كيما يكونوا في الأرض جبارين ملوكاً ، ويتخذهم المؤمنون أرباباً ، ويتخذون عباد الله خولاً الخ . . » [2] . وقد كان أنصارهم أهل الشام ، الذين وصفهم أمير المؤمنين عليه لسلام بقوله : « أعراب ، وأحزاب ، وأهل طمع ، جفاة طغام ، تجمعوا من كل أوب ، ممن ينبغي أن يؤدب ويولى عليه ، ويؤخذ على يديه ، ليسوا من المهاجرين والأنصار ، ولا من التابعين بإحسان » [3] . ح : عدل الخوارج وتحرّيهم للحق : قد تقدم : أن الخوارج كانوا - في الظاهر - من العباد والزهاد ، والمتصلبين في الحق ، حتى أصبحوا لدى الناس ، الذين لا يفقهون من الأمور إلا ظواهرها ، مضرب المثل في العدل ، وتحري الحق . . حتى
[1] تاريخ ابن خلدون ج 2 قسم 2 ص 180 وتاريخ الأمم والملوك للطبري ج 4 ص 59 والكامل لابن الأثير ج 3 ص 341 . [2] الإمامة والسياسة ج 1 ص 145 وقريب منه في مروج الذهب ج 2 ص 404 والنصائح الكافية ص 26 والفصول المهمة لابن الصباغ ص 91 . [3] الإمامة والسياسة ج 1 ص 156 .