شك الخوارج في صوابية موقفهم : بل إن الخوارج أنفسهم قد كانوا في شك كبير من صوابية وصحة موقفهم منه صلوات الله وسلامه عليه . وقد أظهروا هذا الشك في أكثر من مورد ومناسبة . ومن أمثلة ذلك ، ما يذكرونه من انه حينما طلب ابن ملجم من شبيب بن بجرة مساعدته في قتل أمير المؤمنين « عليه السلام » قال له شبيب - وهو من الخوارج - : « ويحك ، لو كان غير علي كان أهون علي . قد عرفنا بلاءه في الإسلام ، وسابقته مع النبي « صلى الله عليه وآله » , وما أجدني انشرح لهذا الخ . . » [1] . وقد حدثنا علي أمير المؤمنين « عليه السلام » نفسه عن شكهم في صحة ما هم عليه ، حينما سمع « عليه السلام » رجلاً من الخوارج يتهجد ويقرأ فقال « عليه السلام » : « نوم على يقين خير من صلاة في شك » [2] . كما أن فروة بن نوفل الأشجعي قد انصرف عن حرب علي « عليه السلام » في النهروان ، لأن الأمر كان ملتبساً عليه ، كما يدل عليه قوله : « والله ما أدري على أي شيء نقاتل علياً ، إلا أن انصرف حتى تنفذ بصيرتي في قتاله أو اتباعه » [3] .
[1] كشف الغمة ج 2 ص 56 و 57 وراجع الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 117 وذخائر العقبى ص 114 والمناقب للخوارزمي ص 276 والرياض النضرة ج 3 ص 235 والبداية والنهاية ج 7 ص 327 . [2] تذكرة الخواص ص 105 وبهج الصباغة ج 7 ص 166 ونهج البلاغة قسم الحكم ج 3 ص 172 . [3] الكامل لابن الأثير ج 3 ص 346 وتاريخ الأمم والملوك للطبري ج 4 ص 64 وبهج الصباغة ج 7 ص 168 عنه .