من قبل علي « عليه السلام » [1] . ولكنه استدلال باطل . . إذ أن الرواية لم تذكر لنا شيئاً عن حقيقة ما جرى حينما رفعت المصاحف ، فهل بادر علي « عليه السلام » للقبول من دون ضغوط من أحد ، أو أنه قبل ذلك بعد أن اعتزله أكثر جيشه ، ولم يبق معه سوى أهل بيته « عليهم السلام » ، ونفر يسير ، وهدده أولئك المعتزلون له بأن يسلموه إلى معاوية ، وفرضوا عليه قبول التحكيم . فلا بد من الرجوع إلى نصوص أخرى لتعرفنا بما جرى لنجد أن الذين فعلوا ذلك هم أنفسهم الذين عادوا واعترضوا عليه لقبوله منهم ما فرضوه عليه . تبرئة الخوارج ، وإدانة علي « عليه السلام » : ويدّعي البعض : أن الأشعث بن قيس المتواطئ مع معاوية ، هو الذي أرغم علياً « عليه السلام » على قبول التحكيم ، ثم حرَّضه على قتل الخوارج ، والوقيعة بهم في النهروان ، وبذلك يكون قد حرمه من خيرة جنده ، وأكثرهم إخلاصاً لقضيته [2] . ونقول : إن هذا البعض يريد أن يظهر علياً « عليه السلام » على أنه لعبة بيد الأشعث ، ثم هو يريد تبرئة الخوارج من جريمة الإصرار على علي « عليه السلام » بقبول التحكيم ، ثم تكفيره لأجل هذا القبول بالذات . أضف إلى ذلك : أنه قد أظهر الخوارج على أنهم الفئة المظلومة المعتدى عليها وأنهم قد ارتكبت جرائم خطيرة بحقهم .
[1] مسند أحمد ج 3 ص 485 و 486 . [2] راجع قضايا في التاريخ الإسلامي ص 56 ونقله أيضا عن البرادي ص 66 وراجع أيضاً : ص 60 و 79 و 81 .