ولا تبرر له إحراج إنسان آخر . وإسقاط حقوقه وإذلاله . وهل تتبدل حقوق الناس بحسب أهواء ورغبات هذا التقي أو ذاك ؟ ! 3 - إن الأقرب إلى الاعتبار هو أن يجاب بما يلي : إن ما يريده عمر بهذا الزواج لا بد أن يكون في خطورته وأهميته بالنسبة إليه بدرجة يوازي عنده قتل علي « عليه السلام » ، وتدمير المقدسات . وذلك لا يكون إلا أمراً مصيرياً وخطيراً جداً كما قلنا . . ولا نجد ما يصلح مبرراً لذلك إلا القول بأن عمر كان يفكر في مصير الخلافة من بعده ، وإلى من تؤول ، وهو مدى قوة من تؤول إليه في الإمساك بها . . أي إنه كان يريد بهذا الزواج أن يركزها في ذريته هو على أساس أن تستمر فيهم بصورة أقوى ، وأشد رسوخاً وتجذراً ، حيث يكون تعامل الناس معها من موقع التقديس ، والالتزام الديني ، والعاطفي ، والوجداني ، حين يكون الخليفة هو ابن بنت نبيهم ، ويريد - حسب دعواه - أن يحكمهم باسم الشرع ، ويقوم بمهمات النبي الأقدس « صلى الله عليه وآله » . . ويجتمع ويتلاقى بذلك الغرور القومي ، مع العصبية العرقية ثم يندمج بالتقديس الديني ، والواجب الشرعي ، ويقوي بعضها بعضا في الإمساك بهذا الأمر بقوة . وبذلك يتم إسقاط مطالبات علي « عليه السلام » وآل علي عن صلاحية التأثير على الناس ، ولا يبقي لها تلك الفاعلية ، وتتلاشى - بالتدريج - دعوتهم ، وتتضاءل هممهم ، وينتهي أمرهم . وهذا غاية ما يتمناه ، وأقصى ما يسعى إليه . ولأجل ذلك كان التهديد ، وللوصول إلى هذه الغايات كان الإصرار . .