هذا الزواج لم يحرج الشيعة : ولربما وجد أهل السنة في هذا الزواج فرصة لإحراج الشيعة الذين يصححون هذا الحدث ، فاعتبروه نقضاً لبعض مبانيهم الإيمانية والتشريعية . فتصدى علماء الشيعة رضوان الله تعالى عليهم لبيان فساد هذا الوهم ، وبينوا بما لا مدفع له كيف أن مبانيهم ثابتة وسليمة . فإن السيد المرتضى ، والشيخ الطوسي وغيرهما ، وإن كانا قد قبلا بوقوع هذا الزواج ، ولكنهم استناداً إلى كثير من الأدلة والشواهد الواردة في كتب السنة والشيعة قد أكدوا على حالة الإكراه التي تعرض لها علي أمير المؤمنين « عليه السلام » ، حتى قبل بهذا الزواج . قال السيد المرتضى « رحمه الله » : « فلم يكن ذلك عن اختيار ، والخلاف فيه مشهور ، فإن الرواية وردت بأن عمر خطبها إلى أمير المؤمنين « عليه السلام » ، فدافعه ، وماطله فاستدعى عمر العباس فقال : ما لي ؟ ! أبي بأس ؟ ! فقال : ما حملك على هذا الكلام ؟ فقال : خطبت إلى ابن أخيك فمنعني لعداوته لي . . والله لأعورنّ زمزم ولأهدمن السقاية . . » . إلى أن قال : « على أنه لو لم يجر ما ذكرناه لم يمتنع أن يزوجه ، لأنه كان على ظاهر الإسلام ، والتمسك بشرائعه . . وإظهار الإسلام يرجع إلى الشرع فيه ، وليس مما يحظره العقول . . وقد كان يجوز في العقول أن يبيحنا الله مناكحة المرتدين ، على اختلاف ضروب ردّتهم . وكان أيضاً يجوز أن يبيحنا أن ننكح اليهود والنصارى كما أباحنا عند أكثر المسلمين أن ينكح فيهم .