السور الطوال ، التي كانت تنزل أجزاء متتابعة دون سائر السور التي كانت تنزل دفعة واحدة . فلا بد إذن من أن نقول : إن النهي عن الاستغفار إنما حصل بعد نزول سورة التوبة ، فكيف بقي صلى الله عليه وآله يستغفر لأبي طالب عليه السلام طيلة هذه المدة ، ويترحم عليه ؟ ! ثانياً : إن الاستغفار للمشرك ، والترحم عليه من أظهر مصاديق المودة للكافر ، وقد نهى الله عن مودتهم في آيات كثيرة ، نزلت قبل سورة التوبة ، كما في قوله تعالى : * ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ) * [1] . وقوله تعالى : * ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ) * [2] . وقوله تعالى : * ( الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا ) * [3] .
[1] الآية 22 من سورة المجادلة ، وقد نزلت قبل التوبة بسبع سور كما في الإتقان ج 1 ص 11 وفي تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج 4 ص 329 ، وفتح القدير ج 5 ص 186 والغدير ج 8 ص 10 عنهم وعن تفسير الآلوسي ج 28 / 37 وأخرجه ابن أبي حاتم ، والطبراني والحاكم والبيهقي وأبو نعيم : أنها نزلت في بدر أو في أحد . [2] الآية 144 من سورة النساء . [3] الآية 139 من سورة النساء .