نام کتاب : طور الاستخلاف ( الطور المهدوي ) نویسنده : عالم سبيط النيلي جلد : 1 صفحه : 36
فالرسول ( ص ) في المعراج ارتقى في الأسباب إلى أبعد من ذلك بما لا يتصوره عقل ، حيث بلغ السدرة ، وتمكن من الاطلاع على ما هو أبعد وأوسع من الملكوت الذي اطلع عليه إبراهيم ( ع ) . ولا يمكن أن يكون هذا الإنذار لتلك الأقوام مفاجئاً - إذ لا بد من تمهيد سابق للدعوة . إن الأحاديث التي تشير إلى وجود أنبياء ورسل في تلك العوالم توضح أيضاً هذا التمهيد . . ولكن الاتصال بين الأرض وبينهم هو الآخر قد حدث خلال التاريخ البشري على الأرض . وتعبّر رؤية الملكوت لإبراهيم ( ع ) والمعراج للرسول ( ص ) عن جزء من هذا الاتصال . إن قوله تعالى [ للعالمين نذيرا ] - لا يمكن أن تتصور فيه العالمين بالصورة التي يصفها المفسرون في ( الحمد لله رب العالمين ) - لأنه من الواضح أن المنذرين لا بد أن يكونوا كائنات عاقلة وقادرة على الاختيار ومنوط بها التكليف الشرعي . . نعم في سورة الرحمن فقط الخطاب موجه إلى الثقلين - الإنس والجن ولكن لا يشكل الجمع في صيغة ( العالمين ) . . مما يوحي بأن الإنس غير الناس وهم عدد من الأجناس ، ولذلك جمع الأقطار والسماوات في مقام التحدي : [ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ] ( الرحمن : 33 ) لكونهم عوالم متعددة في أقطار السماوات والأرض المتباعدة . ويدل على ذلك أن الخطاب الآخر في سورة الأنعام يؤكد كون الرسالة لجميع العوالم الإنس والجن وهما أصلان لكثير من سكان الكواكب وهو قوله تعالى [ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ] ( الأنعام : 130 ) . ويتأكد المعنى الشمولي الكوني للرسالة حينما نتذكر أن المخاطبين يوم القيامة
36
نام کتاب : طور الاستخلاف ( الطور المهدوي ) نویسنده : عالم سبيط النيلي جلد : 1 صفحه : 36