نام کتاب : طور الاستخلاف ( الطور المهدوي ) نویسنده : عالم سبيط النيلي جلد : 1 صفحه : 139
ولقد حاول المحرفون بالطبع ، من تلامذة المستشرقين أن يجدوا تفسيراً للرسالة الخاتمة فباءوا بالفشل الذريع ، إذ أن جميع الدلائل تشير إلى ما ذهبنا إليه ففي مجتمع الجزيرة ، انتشرت الرسالة وحدثت البعثة في أوج الاستقرار الاجتماعي والسياسي للمجتمع المكي ، فالأحلاف كانت مستقرة وراسخة والحروب متوقفة بين القبائل والتجارة مزدهرة . وكما ترى فإن هذا التفسير هو بخلاف ما جرت عليه عادة المسلمين في تدوين تاريخ الدعوة . إن الأنبياء الذين بعثوا عدد كبير جداً ، وقسم منهم فقط هم الذين أبلغوا بالدعوة إلى التوحيد وعددهم كبير أيضاً ، كل هؤلاء الأنبياء والرسل ( ع ) هم الذين قاموا بالتغيير أو محاولة إحداث تغيير في مجتمعاتهم ، قبل حدوث بوادر ذلك التغيير . ولهذا كانت المجابهة شديدة جداً مع تلك المجتمعات ، لأن الأوقات التي خطط لها لتكون بداية التغيير كانت أوقات استقرار ، فجوبهوا بأشد أنواع الاستهزاء والسخرية والقتل والتعذيب والمعارضة الشديدة من ( الملأ ) ، أو ( المترفين ) ، أو ( الذين استكبروا ) ، وهي تعابير تدل على الازدهار الاقتصادي ، والهدوء في الساحة السياسية لتلك المجتمعات عند حدوث الدعوات الدينية . إن الله أكبر من أن يرسل الرسل ويبعث الأنبياء في فترات التزعزع مستغلاً الكوارث السياسية للدعوة إلى مبدأ الحق . بل التغيير الديني لحركة التاريخ هو عكس ذلك فإن الكوارث والبلاء يأتي كنتيجة للإعراض عن مبدأ الحق ، فالثورات والصراع هو عقاب إِلهِي للمجتمعات وليست حركات للخلاص كما هو ظاهرها ، والصراع هو جزء لا يتجزأ من القوانين والسنن الإلهية العاملة بشكل خفي في المجتمعات ، فإن لم يبلغ الغضب الإلهي حداً لإنزال كارثة تبيد الجماعة المعارضة بأسرها ، فإن الصراع هو البديل لذلك ،
139
نام کتاب : طور الاستخلاف ( الطور المهدوي ) نویسنده : عالم سبيط النيلي جلد : 1 صفحه : 139