نام کتاب : طور الاستخلاف ( الطور المهدوي ) نویسنده : عالم سبيط النيلي جلد : 1 صفحه : 110
وعملية الفصل هذه لا يمكن أن يقوم بها بشر عادي ، إن التعرف على المجرمين الحقيقيين هو عمل في غاية الصعوبة ، ولا يقدر عليه إلا الخالق أو من يمنحه الخالق تلك المقدرة ، ولكن ذلك لا يحدث أبداً ما لم ترغب الفئة الصالحة رغبة شديدة وحقيقية بالفرز والتميز عن الأشرار ، ومعلوم أن فئة الصالحين لا تصل أبداً إلى هذه الرغبة الحقيقية إلا بعد أن تذوق الأمرين من جراء خلط الأوراق ببعضها والتباس الحق بالباطل ، ولا تتمنى ذلك إلا بحدوث كوارث فضائع وهو ما يسميه القرآن ( بالفتنة ) وفي مواضع أخرى ب ( البلاء ) فتكون تلك الفتنة هي المحرك الوحيد للصالحين الذي يدفعهم إلى البحث والمعرفة لحماية أنفسهم من الضلال وتأكيد هويتهم وحينما يصلون إلى درجة من المعرفة بأنفسهم ودينهم وعقيدتهم وأساليب عدوهم ، تمكنهم من تحقيق الفرز داخل نفوسهم بدقة لا تشوبها شائبة - عندئذ يأتي المدد الإلهي وينم الفرز ويتحقق الوعد . وبإمكاننا أن نجد لهذا التصور العشرات من الآيات القرآنية المؤيدة لذلك والأحاديث الصحيحة ، بل سنجد آيات قرآنية لا تفسر أبداً إلا وفق هذا التصور . والمؤمنون يتمكنون بكل يسر من الفرز لوضوح الآيات وكونها بينات ومفصلات وكون القرآن هو النور الذي ترى به الأشياء ، وكون الاختلاف ليس سببه الجهل بل بالعكس - إذ يؤكد القرآن على حدوث الاختلاف بعد مجيء العلم وبعد التبيين ولهذا يكون الحق واضحاً والباطل واضحاً ومتميزين عن بعضهما تميزاً شديداً لا يدعي عدم معرفتها إلا متحيز إلى فئة أو شاك في أصل العقيدة أو متبع للهوى أو متعبد بشرائع الطغاة - مما رأيناه في الآيات القرآنية في بحث سابق . ومن هنا أرتبط الظهور بالفتنة والبلاء واعتبرهما القرآن جزء من الفرز : ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ * ( الأنبياء : من الآية 35 ) .
110
نام کتاب : طور الاستخلاف ( الطور المهدوي ) نویسنده : عالم سبيط النيلي جلد : 1 صفحه : 110