هذا ثُمَّ انَّ هذَهِ الفَقرةُ تَتضمَّنُ بَيان ثَوابَين ، أحدهُما بِإزاءِ خُصوصِ هذِهِ الزِّيارة المَخصُوصة المأثُورة ، وهو ما ذَكرَهُ اوَّلًا بقولِهِ : « وَكَتَبَ اللَّهُ لَكَ بِهَا الْفَ الْفِ حَسَنَةٍ - إلى قوله - وَكُتِبَ » وهَذا الثَّوابُ هو ما بِهِ فَضلُ المأثور عَلى المُطلقِ ومزيَّتهُ عَليه ، والثَّاني بإزاءِ مُطلق الزَّيارة ولو بالفاظٍ أخرى يُنشِئُها الزَّائرُ من تِلقاءِ نَفْسهِ حَسبَما سَنحَ لهُ ، وهو ما ذَكرهُ اخيرا بقوله « وَكُتِبَ لَكَ ثَوَابُ كُلِّ نَبِيٍّ وَرَسُولٍ » .وهذا الثَّوابُ الَّذي ذكرْنَا سابِقا انَّه ( عليه السلام ) فصَّلهُ اوَّلا بقولِهِ « لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ [ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ] بِثَوَابِ ألْفَيْ الْفِ حَجَّةٍ » وأكدَّهُ بقولِهِ : « فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كُتِبَ لَهُ ثَوَابُ الْفِ الْفِ حَجَّةٍ » ثمَّ أجملَهُ ثَانيا بقولِهِ « وَكَانَ لَهُ ثَوَابُ مُصِيبَةِ كُلِّ نَبِيٍّ وَرَسُولٍ » .وَذكرَهُ هَاهُنا بقولِهِ « وَكَانَ لَهُ ثَوَابُ مُصِيبَةِ كُلِّ نَبِيٍّ وَرَسُولٍ » والمُرادُ ثَواب زِيارة كُلّ نبيٍّ وَرسولٍ ووصّيٍّ وصدّيقٍ وشهيدٍ طِباقا لِما ذَكرهُ سَابقا ، ترك الثَّلاثَة البَاقية هُنا اكتفاء بذكرِهَا فَيما سَبقَ ، فقدْ ذَكر التَّفصيلَ فِي مَوضِعين ، والاجمالُ ايضا فِي موضِعَين ، وهَذا كَما تَرى يدَلُّ عَلى كمالِ المُبالَغةِ والعِنايةِ والاهتمامِ بِشأنِ هَذهِ الزِّيارَةِ الشَّريفة .وقَد ذَكرنَا سابِقا ايضا انَّ المقصودَ هُو ثَواب مَجموعِ الامْرَين مِن مُصيبَتهِم وزيارَتِهِم ، وانِ اقْتصَرَ عَلى ذِكرِ أحدِهِما في احدِ المَوضِعين ، والآخَرُ في الآخِر ، اكتفاءً بِالمَذكورِ عَن المحذُوفِ كَما مرَّ مَشرُوحا [1] .
[1] في ص 36 .