أو من دواعي التفكير بالدنيا وزخارفها ، والبحث عن وسائل الحصول عليها ، أو من موجبات الخوض في كرامات الناس ، والتعدي عليهم بكشف معايبهم عن طريق الغيبة ، أو من موجبات الانصراف لإرضاء الشهوات . . فإذا تفرغ المجاهدون والمرابطون لعبادة الله ، فإن ذلك يحتم على المسؤولين وضع برامج توجيه ورعاية لهم في عباداتهم هذه . . كما أنه لا بد من وضع آلية تعطي المجاهدين فرصة للعبادة من جهة . . وتحفظ من جهة أخرى للثغور حصانتها ، بحيث يتواصل شعور العدو بأن العيون ساهرة ، والعقول مستنفرة ، فلا غفلة في البين يستطيع من خلالها أن يورد ضربته في أي موقع . . على أن من الواضح : أن الجهاد وإن كان من العبادات ، إلا أنه عبادة مشوبة بالصوارف والشواغل ، بخلاف الصلاة والدعاء في الخلوات ، فإنه أكثر صفاءً ، وأعظم أثراً في التصفية والتزكية ، وإثارة كوامن المعرفة الروحية والإيمانية . . والمثوبة على الجهاد إنما هي - في الأكثر - بسبب مشقاته ، وأهواله ، وآثاره العظيمة في حفظ بيضة الإسلام بالدرجة الأولى ، بخلاف الصلاة ونحوها ، فإن أثرها يتجلى في رسوخ قدم العبد في تزكية نفسه وتهذيبها . وفي المحاربة يكون السعي - غالباً - لحفظ الجسد ، وفي العبادة يكون الغالب هو السعي لحفظ الروح . وَعَنْ مُنَابَذَتِهِمْ لِلْخَلْوَةِ بِكَ : والحرب ليست هدفاً في حد ذاتها ، وإنما هي استثناء ، يراد منه أن يكون وسيلة لردع العدوان ، لتحقيق الأمن وإنتاج السلام الذي يأتي معه بالمزيد