فالمطلوب هو إيهامه بأن المنع مشروط بإمتناعه . . فإذا بادر هو إلى جعل الوباء في الماء وإلى معالجة التربة ، بحيث لا تعود صالحة للإنبات ، وإلى بث ما يوجب العقم ، ونحو ذلك ، فعليه أن يتوقع الرد بالمثل ، صاعاً بصاع ، وذراعاً بذراع . والبادئ أظلم . . أو نقول : إنه « عليه السلام » أراد أن يطلب من الله سبحانه أن يحوِّل هذه النعم التي يتقوى بها الأعداء على أهل الحق ، إلى وسائل لكبح جماحهم ، وموانع تمنعهم من البغي والعدوان ، فبدل أن تكون هذه النعم غذاء ولذة وراحة لأولئك الطغاة المجرمين ، يكون فيها لهم الضرر والبلاء ، والتعب والعناء ، وبدل أن تكون دواءً وشفاءً تصبح مرضاً ودواءً . . وبدل أن تكون مصدر قوة ، وسبب اندفاع تصير من موجبات الوهن لهم ، والضعف والضياع . . وفي جميع الأحوال نعود فنؤكد على أننا لا نشك في أن الإمام « عليه السلام » لا يدعو إلا بما يجوز الدعاء به ، وبما لا مانع من وقوعه ، وإيقاعه بالمدعو عليهم ، وبأي نحو كان . . ولو بإيجاد وسائله الطبيعية ، أو غير الطبيعية ، ومنها التسبيب بواسطة الدعاء للتدخل الإلهي ، لكي يشغلهم عن العدوان بأمثال هذه الأمور ، ويحول نعمه عليهم إلى نقم تمنعهم من مواصلة البغي والعدوان ، ومن الإمعان في الإجرام والطغيان . فلذلك قال « عليه السلام » : اللَّهُمَّ عَقِّمْ أَرْحَامَ نِسَائِهِمْ : فقد طلب الإمام « عليه السلام » من الله سبحانه أن تصاب أرحام نساء