ولتكون كلمة الله هي العليا . . بدلاً من أن تكون الأهواء هي التي تحكم وتسيطر على القرار ، وتدفع إلى الدمار والبوار ، واقتلاع الآثار . . ونتيجة ذلك هو : أن الإمام « عليه السلام » في هذا الدعاء لا يريد تشريع استعمال الأسلحة المحرمة دولياً بالمطلق ، بل يريد إعلامنا : بأنه لا مانع من المقابلة بالمثل ، حيث لا يمكن دفع العدو إلا بذلك . . ولكن مما لا شك فيه هو : أن الأصل هو الرحمة الإلهية للبشر ، وأن يفرض أهل الإيمان قيمهم ، وأساليبهم المشروعة على أعدائهم ، وأن لا يرضوا لأنفسهم بالإنجرار إلى أساليب لا أخلاقية ، وغير منسجمة مع معاني الرحمة . فالإسلام يريد سعادة البشر ، حتى لو كانوا أعداءه ، ويسعى إلى فرض السلام عليهم واستصلاحهم ، ولا يسعى إلى التنكيل بهم ، على سبيل التشفي والانتقام . . وبعد ما تقدم نقول على سبيل الخلاصة : إن رد العدوان والظلم ، ودفع العدو المحارب واجب عقلاً وشرعاً ، شرط أن يكون ذلك بالوسائل التي أباح الشارع استعمالها . وإن احتاج هذا الردع إلى قتل المهاجمين مهما كثر عددهم ، وقد قال تعالى : * ( وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً ) * [1] ، ثم بين سبب طلبه هذا ، فقال : * ( إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوا إِلاَ فَاجِراً كَفَّاراً ) * [2] .
[1] الآية 26 من سورة نوح . [2] الآية 27 من سورة نوح .