قال : « لوح لأبصارهم » . وَالْحُورِ الْحِسَانِ : وبعد أن قدم « عليه السلام » لهم الحديث عن اللذات المعنوية الروحية ، عطف عليها لذات الجسد ، بدءاً بلذة النظرة الأولى للجمال ، المتمازجة مع الاندفاع الغريزي ، فذكر الحور الحسان ، حيث لذة الغريزة الجنسية إذا زينها الجمال حين يلوح للرائي ، فإنه سوف يشتاق إليها ، ويسعى لتجاوز كل الموانع ، وقطع كل المسافات للوصول إليها . وَالأَنْهَارِ الْمُطَّرِدَةِ بِأَنْوَاعِ الأَشْرِبَةِ : وبما أن أخشى ما يخشاه الإنسان بعد تجاوز عقدة الخوف على صلته بالدنيا ، هو المتاعب والمشقات التي تواجهه ، خصوصاً ما يتعلق منها بفقدان الماء ، ومعاناة العطش ، فإنه « عليه السلام » طلب من الله تعالى : أن يريه بأم عينيه ما يدفع هذا الخوف ، ويؤمِّن له الارتواء التام مرة بعد أخرى . ثم زاد على ذلك أن ذكر أن مصدر هذا الارتواء متواصل ومطرد ، فلا خوف من الانقطاع ، وبغزارة لا يحتمل معها النقص عن مقدار الحاجة . . فهي أنهار في كثرتها وغزارتها ، وهي مطردة ومتواصلة . ثم هي في تنوعها تعطيه القدرة ليس فقط على التلذذ بها ، وإنما توفر له أنواعاً من التلذذات التي لا يحتمل معها الملل ، الناشئ من الاعتياد على نوع واحد . ولذلك كانت مطردة بأنواع الأشربة . . فلا بد إذن ، من إيجاد الوسائل التي تقنع المرابط المجاهد بأن الأمور لا تخرج عن هذا السياق . .