وهذه الخصوصية تفهم بمجرد رؤية تلك المساكن ، بل بمجرد لمحها حين يلوَّح للإنسان بها أمام بصره . . والتعبير بالأبصار ربما ليفيد : أن إدراك هذا المعنى ناشئ من إجراء معادلة فكرية توصل إلى ذلك . لأن الإبصار هو الإدراك الناشئ عن ذلك . . وهذا الخلود ليس مملاً ، ولا يمثل عبئاً على النفس ، وليس هو خلود إهمال ، وخمول ، وانكماش ، ونسيان ، وغياب عن الذاكرة . بل هو خلود فاعل ، وحي . ومناقض لذلك كله . إنه خلود فيه انتعاش وامتداد ، وفيه كرامة وسؤدد . ولذلك طلب أن يلوح لأبصارهم ما أعده في الجنة لهم من منازل الكرامة ، مما يعني أنه بمجرد أن يلمح البصر تلك المنازل والدرجات ، فإنه يجد خصوصية تبين له معنى الكرامة فيها . فمنازل الكرامة ليست كسائر المنازل . . كما أن للكرامة درجات ومراتب ، فلكل منزل درجته الخاصة به . وميزاته التي تُظهِر تلك الدرجة . . ولعله يريد « عليه السلام » أن يكون ذلك على سبيل الكشف والمشاهدة ، ولو بصورة التلويح العابر . . فإن هذا المقدار يكفي ليدركوا بذلك مقامهم عند الله ، ورعايته تعالى لهم . ولذلك لم يقل : عرفهم ذلك ، بل