وَاجْعَلِ الْجَنَّةَ نُصْبَ أَعْيُنِهِمْ : ومن الواضح : أن جعل الجنة نصب أعين المقاتلين ، يحتاج قبل كل شيء إلى تحصيل اليقين بها ، وبمفردات عقائدية كثيرة تؤسس لهذا اليقين ، وتؤكد ثباته وتحفظ له نقاءه وصفاءه . . وهذا يعطي : أن على هؤلاء المقاتلين أن يكونوا على درجة كبيرة من الوعي العقائدي العميق ، المستند إلى الأدلة الواضحة ، والبراهين اللائحة من جهة ، وأن يبذلوا الكثير من الجهد التربوي والروحي ، القادر على إحداث تغيير أساسي في البنية النفسية والروحية ، وفي خصائص الإنسان وميزاته من جهة أخرى . . ولا يكون ذلك إلا بممارسة طويلة ومؤثرة للعبادات ، والرياضات الروحية . والتصفية والتزكية ، والتركيز عليها . . وكل ذلك يحتاج إلى إعداد برامج تربوية ، وثقافية ، وعبادية ، من شأنها أن تحقق هذه النتائج ، إذ ليس من السهل أن يبلغ الإنسان حداً تصبح الجنة فيه نصب عينيه . إذن ، فليس كل عالم بفنون الحرب ، مدرب على السلاح ، يصلح لأن يكون من حماة الثغور . . بل هناك أمور أخرى لا بد أن تتوفر في الغازي والمرابط . . ولعل المقصود من جعلها نصب عينيه : أن تكون هي الهدف الذي يتمحض كل سعيه فيه . وينصبُّ كل جهده على العمل الموصل إليه . . وهذا الهدف لا بد أن يكون لدى كل مقاتل بشخصه ، فلا يكفي مجرد الإيمان