وَأَلِّفْ جَمْعَهُمْ : ولا بد أيضاً من أن تكون هناك رابطة وعلاقة ألفة ومحبة بين المرابطين ، لأن طبيعة الحرب تثير لدى المرء شعوراً بأنه مستهدف كفرد ، في نفسه وفي بدنه ، فلا بد من أن يتبلور لدى المجاهد إحساس بالقوة من خلال انضمامه للآخرين . وأن من الممكن أن تؤثر قوة الجماعة في الدفع عنه . . وقد ألمحت هذه الفقرة إلى أن محبتهم وألفتهم له سوف تدعوهم للتفكير في كل فرد منهم ، وإنجاده إذا احتاج إلى ذلك بفضل نجدة وقوة ، قد تكون متوفرة لديهم . . أما إذا لم تكن بينه وبين سائر المرابطين أية ألفة ، فسيرى أنه - كفرد - مستهدف من عدو ، هو جماعة ، وهو يشعر أن جميع أفراد أعدائه لن يرحموه لو صادفوه ، ويشعر كفرد بالعجز عن مواجهة الجماعة ، وبذلك يكون قد وقع بالفشل ، والهزيمة النفسية . . ويصير كل همه الدفع عن نفسه ، لا الدفع عن الثغر ، ولا عن الأمة . . وَدَبِّرْ أَمْرَهُمْ : ولحسن التدبير دور أساس في نجاح العمل العسكري ، لأن أي اختلال في التدبير قد تكون نتيجته ظهور ثغرة للعدو يستطيع النفوذ منها ، أو قد ينتج عنه ضعف في الأداء العسكري حين المواجهة ، أو فقدان الإحساس بالثقة في حصانة سائر الجهات ، التي لا بد من الطمأنينة لحصانتها ، ليمكن الاندفاع الحاسم لتسديد الضربات القاصمة للعدو ، بشجاعة ، وحزم ، وثبات ، ومن دون أي قلق أو خوف من اختراق أية جهة .