وهذا يعطي : أن على المرابطين أن يلتجأوا إلى الله عز وجل ليرسل إليهم من جنده ، ليكون ذلك علامة رضاه عليهم ، وغضبه على أعدائهم . . كي يفرح المؤمنون بنصر الله . . ويكبت أعداءهم ، ويخزيهم ، ويذلهم بذلك . تَقْطَعُ بِهِ دَابِرَهُمْ : الدابر - كما قيل - : أصل الشيء . وقيل : هو آخره ، أو آخر ما بقي منه . . والذي يبدو لنا : أن دابر الشيء ما يكون في حالة إدبار وتلاشٍ ، بصورة طبيعية . . فالمراد : الكناية عن استئصال العدو بكل مراتب الاستئصال . ولا بد أن يكون ذلك هو ما يطمح إليه أهل الإيمان ، وهو غايتهم ، وله وبه يكون همهم وهمتهم ، وهو محط نظرهم ، ولأجله يكون إعدادهم واستعدادهم ، لا مجرد دفع العدو عن البلاد ، أو عن الأطراف ، إذ يمكن للعدو أن يجمع صفوفه ويبني قوته من جديد ، ويعيد الكرة ، ولا يفيد بعد ذلك الندم ولا تنفع الحسرة . . وَتَحْصُدُ ( وَتَخْضُدُ ) بِهِ شَوْكَتَهُمْ : الشوكة : شدة البأس ، والقوة في السلاح ، أو الحدة . وحصده حصداً : قطعه . . وخضد : قطع . وغني عن البيان : أن كسر حدة اندفاع العدو أمر هام في التمهيد لحسم الأمور ، لا سيما وأن العدو الذي لا علاقة له بالله إنما يعتمد على سلاحه ووسائله المادية بالدرجة الأولى ، فإذا سقطت هذه وتلك عن التأثير ، وبطل عملها ، فسيضيع ويقع في الإرتباك والحيرة ، وتتلاشى آماله ، وتنتقض أحواله . .