بأنه موضع عناية ورعاية الله تبارك وتعالى ، وأنه هو الذي يمده بالقوة وبالعون ، وربما يمده بالملائكة . فإن حدث ما يتجلى فيه اللطف الإلهي ، فلا بأس بالتنويه به ، ولا ضير في الحديث عنه ونشره . والمردف : هو الذي يجعل غيره رديفاً لنفسه ، أو من يجعل نفسه رديفاً لغيره . حَتَّى يَكْشِفُوهُمْ إِلَى مُنْقَطَعِ التُّرَابِ : أي حتى يدفعوهم إلى منتهى العمارة من الأرض ، حيث لا تقع العين بعده على تراب ، فإن منقطع التراب هو حيث ينتهي إليه طرفه ، وكشفهم أي رفعهم عما يغطونه بسلطتهم وهيمنتهم . وهو عبارة أخرى عن هزيمة العدو ، وتخلّيه عن مواقعه . . وهذا يساوق القضاء التام على جميع قدراته ، وإخضاعه . إذ لا مجال للاكتفاء بتبادل الضربات ، لأن ذلك كما يستنزف قدرات العدو ، فإنه يستنزف قدرات أهل الإيمان أيضاً . . ويتجلى هذا الإسقاط لقدرات العدو ، وإخضاعه ، حين يحصر العدو في مواضع لا قدرة له على تدبير أموره فيها ، فضلاً عن أن يتفرغ لمواجهة غيره . . فإنه إذا انقطع التراب ، أصبح العيش متعسراً عليه ، إن لم يكن متعذراً ، ولم يعد يمكنه الإعداد للحرب بصورة صحيحة ومرضية ، ولا التفكير فيها ، بل ينشغل بنفسه ، وهذا يدعوه إلى التخلي عن المنابذة والعودة إلى البخوع والخضوع . . وهذا هو التجسيد العملي لمبدأ مصادرة قدرة العدو على التفكير في الحرب فضلاً عن مباشرته لها ، أو اتخاذه قرار الدخول فيها .