أنّه كان يجمع الصحابة جميعاً ويبلغهم بكلّ ما يجد من أحكام ، ولو تصوّرناه في أقواله فلا نتصوره في أفعاله وتقريراته وهما من السنة - فماذا يصنع من يريد التمسّك بسنته من بعده ولنفترضه من غير الصحابة ؟ أيظل يبحث عن جميع الصحابة - وفيهم الولاة والحكام ، وفيهم القواد والجنود في الثغور - ليسألهم عن طبيعة ما يريد التعرّف عليه من أحكام ، أم يكتفي بالرجوع إلى الموجودين وهو لا يجزيه ، لاحتمال صدور الناسخ أو المقيد أو المخصص أمام واحد أو اثنين ممن لم يكونوا بالمدينة ؟ والحجية - كما يقول ابن حزم - : لا تتقوّم إلاّ بهم . والعمل بالعام أو المطلق لا يجوز قبل الفحص عن مخصصه أو مقيّده ، ما دمنا نعلم أنّ من طريقة النبي ( صلى الله عليه وآله ) في التبليغ هو الاعتماد على القرائن المنفصلة ، فالإرجاع إلى شيء مشتّت وغير مدوّن تعجيز للأمة وتضييع للكثير من أحكامها الواقعية . وإذا كانت هذه المشكلة قائمة بالنسبة إلى من أدرك الصحابة - وهم القلة نسبياً - فما رأيكم بالمشكلة بعد تكثّر الفتوح ، وانتشار الإسلام ، ومحاولة التعرّف على أحكامه من قبل غير الصحابة من رواتهم ، وبخاصة بعد انتشار الكذب والوضع في الحديث للأغراض السياسية أو الدينية أو النفسية ؟ ومثل هذه المشكلة هل يمكن أن لا تكون أمامه ( صلى الله عليه وآله ) ؟ وهو