المسؤول عن وضع الضمانات لبقاء شريعته ما دامت خاتمة الشرائع ، وقد شاهد قسماً من التنكر لسنته على عهده ( صلى الله عليه وآله ) ، كما مرّت الإشارة إلى ذلك في سابق من الأحاديث . إنّ الشيء الطبيعي أن لا يفرض أي مصدر تشريعي على الأمة ما لم يكن مدوّناً ومحدّد المفاهيم ، أو يكون هناك مسؤول عنه يكون هو المرجع فيه . وما دمنا نعلم أنّ السنة لم تدوّن على عهد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، وأنّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) منزّه عن التفريط برسالته ، فلا بدّ أن نفترض جعل مرجع تحدّد لديه السنة بكلّ خصائصها ، وبهذا تتضح أهمية حديث الثقلين وقيمة إرجاع الأمة إلى أهل البيت ( عليهم السلام ) فيه لأخذ الأحكام عنهم ، كما تتضح أسرار تأكيده على الاقتداء بهم ، وجعلهم سفن النجاة تارة [1] ، وأماناً للأمة أخرى [2] ، وباب حطة ثالثة [3] ، وهكذا . . .
[1] قال ابن حجر الهيتمي في الصواعق 2 / 543 : أخرج الحاكم عن أبي ذر ( رضي الله عنه ) : أنّ رسول اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) قال : " إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها هلك " ، وفي رواية للبزار عن ابن عباس وعن ابن الزبير وللحاكم عن أبي ذرّ أيضاً : " مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق " . [2] إشارة إلى قوله ( صلى الله عليه وآله ) : " النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق ، وأهل بيتي أمان من الاختلاف ، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا ، فصاروا حزب إبليس " ، أخرجه الحاكم في المستدرك 3 / 149 عن ابن عباس مرفوعاً وصححه على شرط الشيخين ، وراجع الصواعق المحرقة 2 / 445 . [3] أخرجه الطبراني في الكبير ( 2636 ) و ( 2637 ) و ( 2638 ) وفي الصغير 1 / 139 - 140 ، والحاكم 3 / 151 ، وأورده الهيثمي في المجمع 9 / 168 ، والتبريزي في المشكاة ( 6174 ) .