والجواب عن هذه الأحاديث ونظائرها - بعد التغافل عن أسانيدها وحساب ما جاء في بعضها من الطعون أمثال ما ذكره ابن حزم عن حديث أصحابي كالنجوم من أنه : حديث موضوع مكذوب باطل ، وقال أحمد : حديث لا يصح ، وقال البزار : لا يصح هذا الكلام عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) - : أنّ هذه الروايات لا يمكن الأخذ بظاهر بعضها ، ولا دلالة للبعض الآخر على المدعى . وأول ما يرد على الرواية الأولى ونظائرها من الروايات الآمرة بالاقتداء بهم : استحالة صدور مضمونها من المعصوم ، لاستحالة أن يعبّدنا الشارع بالمتناقضين ، وتناقض سيرة الخلفاء في نفسها من أوضح الأمور لمن قرأ تاريخهم ، واستقرأ ما صدر عنهم من أحداث . وحسبك أنّ سيرة الشيخين مما عرضت على الإمام علي ( عليه السلام ) يوم الشورى ، فأبى التقيّد بها ولم يقبل الخلافة لذلك ، وقبلها عثمان ، وخرج عليها بإجماع المؤرخين ، وفي أيام خلافة الإمام نقض كلّ ما أبرمه الخليفة عثمان ، وخرج على سيرته ، سواء في توزيع الأموال أم المناصب أم أسلوب الحكم ، والشيخان نفسهما مختلفا السيرة : فأبو بكر ساوى في توزيع الأموال الخراجية وعمر فاوت فيها ، وأبو بكر كان يرى طلاق الثلاث واحداً وعمر شرّعه ثلاثاً ، وعمر منع عن المتعتين ولم يمنع عنهما الخليفة الأول ، ونظائر ذلك أكثر من أن تحصى .