نعم . . وهذه هي المشاركة البنّاءة ، والتي هي في خط الرسالة وخدمة لها . وأما حين تكون المشاركة إمضاءً لممارسات الحكم اللامشروعة ، وسبباً ، أو فقل : عاملاً مساعداً في تركيز الانحراف ، وفي زيادة البعد عن الخط الإسلامي الأصيل . . وحيث يصبح الإنسان أداةً بيد الحكم ، يستفيد منها لتكريس انحرافاته ، وتبرير أخطائه ، أو يتخذ منه واجهة تختفي وراءها شتى أنواع الفساد والظلم ، والهرطقة ، واللادينية . . فان هذه المشاركة تصبح خيانة للأمة ، وللدين ، ولإنسانية الإنسان ، مهما كان ذلك الرجل شريفاً ، ونبيلاً في نفسه ، ومستقيم الطريقة في سلوكه الشخصي ، وفي ملكاته النفسية الخاصة . . ولأجل ذلك نجد الأئمة « عليهم السلام » ، ليس فقط لا يشاركون في الحكم الأموي والعباسي ، ولا يمدون لهما يد العون . . وإنما يعتبرون أدنى عون ، أو تأييد له ، حتى ولو بمثل أن يؤجّر الرجل جماله للحاكم ؛ ليحج عليها ، الأمر الذي يستلزم أن يحب بقاء ذلك الحاكم الظالم حياً ، إلى حين انتهاء مدة الإجارة [1] يعتبرون حتى هذا القدر ، من الذنوب الكبيرة ، والجرائم الخطيرة ، التي لا يمكن التساهل فيها ، أو الاغضاء عنها . . ج : وأما في صدر الإسلام ، حيث دور التأسيس ، وتركيز وتعميق القيم
[1] اختيار معرفة الرجال ، المعروف برجال الكشي ص 441 وقاموس الرجال ج 5 ص 127 .