وتبدأ ملامح شخصيتهم الإنسانية بالانحسار والتلاشي ، ليبرز عوضاً عنها ذلك المارد البهيمي الشرس ، والضاري ، الذي أفلت من القمقم ، حين كان يعيش في ظلمات نفوسهم . . هذا المارد العتي ، الذي لم يكن ليرحم أحداً ، يحاول أن يقف في وجهه ، ولسوف يواجهه بالمزيد من المقت ، والكراهة ، والحقد ، وبروح الافناء والتدمير . ولا يفرق بين نبي ، أو ولي ، ولا بين رسول ورسالة ، ولا بين فضيلة أو تقوى ، ولا بين فطرة أو عقل . . وهذا بالذات هو الذي يفسر لنا ما نال عليّاً « عليه السلام » وأهل بيته ، وشيعته ، على مدى التاريخ وما واقعة كربلاء عنا ببعيد ، وهو أيضاً يعطينا التفسير الدقيق لدوافع الحرب التي لا تزال تشن دون هوادة ، على الإسلام ، والقرآن ، وعلى كل ما هو شرف ودين ، وكمال وفضيلة . . ذلك أن عليّاً « عليه السلام » وأهل بيته وشيعته ، يلتزمون بتعاليم الإسلام ، ويمثلون خط القرآن والإيمان ، ويتحلون بفضائل الأخلاق ، وكريم السجايا ، ويهتدون بهدى العقل والفطرة . عظمة عمر بن الخطاب في العرب : وأما فيما يرتبط بآثار تلك السياسة على رائدها الأول ، ومرسي قواعدها ، عمر بن الخطاب ، فقد كان من الطبيعي ، بعد أن فتحت الفتوحات ، وأقبلت الدنيا على الناس ، وأرٍضِيَ غرور الإنسان العربي ، واستجيب لأهوائه ، وطموحاته في الحصول على المال ، وعلى غيره . . ثم استثمر الاعلام ذلك لصالح فريق معين ، على حساب كل ما ومن عداه .