فكرها ، ولا تلاقي مع فطرتها ، ولا لامس ضميرها ووجدانها . . وقد تجلى ذلك بصورة أوضح ، بعد أن تعرضت الأمة بعد وفاة نبيها لمسحٍ إعلامي ، وتثقيفي ، عمل على إيجاد حالة جديدة ، تستهدف تحويل الاتجاه في مرامي الطموح إلى مسار جديد ينسجم مع المصالح الطارئة ، والتغيرات العارضة ، التي جاءت كنتيجة طبيعية للتغيير غير الطبيعي الذي نار مركز القيادة بعد الرسول الأعظم « صلى الله عليه وآله » ، فتسلّمت القيادة تلك الفئة التي خصتهم بامتيازات ما كانوا يفكرون فيها ، ولا يحلمون بها . . فعكفوا على دنياهم ، وغرقوا في زبارجها وبهارجها . ولم يعد يهمهم ، إلا أن يكرسوا لأنفسهم هذه الامتيازات ، ويحوطوها ، ويحافظوا عليها ، ثم الحصول على المزيد منها ، مهما كان ذلك ظالماً ، ومدمراً للآخرين ، أو مخالفاً للشرع ، ولأحكام الدين ، أو تمجه الأخلاق ، وتأباه الفطرة . . وبعد كل ذلك ، فان من الطبيعي : أن نجد : أن هؤلاء ، قد ابتلوا بداء الغرور ، وبرذيلة الصلف والكبرياء ، وما فتئوا يمارسون مختلف أنواع الظلم ، والاضطهاد ، والاذلال لمن كانوا بالأمس أسيادهم ، وأصبحوا اليوم مواليهم وعبيدهم . . وكان من المتوقع كذلك بعد أن ملكوا الأموال ، والضياع ، والبلاد أن يسقطوا في حمأة الشهوات ، وأن يستغرقوا بصورة بشعة ، وغير معقولة ولا متزنة في الملذات ، ما حلّ منها ، وما حرم . وأن تسحرهم الجواهر والمظاهر وتأخذ عقولهم الدنيا وما فيها ، من زبارج .