نام کتاب : سر الإسراء في شرح حديث المعراج نویسنده : الشيخ علي سعادت پرور جلد : 1 صفحه : 62
ويمكن أن يستفاد من هذه الفقرة معنى أدق وألطف ، وهو أنه كما أني أنظر إلى المخلوقين بنظر آلي وظلي ، كذلك هؤلاء بسبب فنائهم في ورؤيتهم الأشياء بنظر الفناء ، ينظرون إليهم بنظري . ولما انتهى البحث إلى الفناء ، لا بأس بتقديم بيان في معناه : كلمة حول معنى الفناء : لا يخفى على أهل التحقيق والشهود والعرفان أن معنى الفناء أوضح من أن يحتاج إلى الشرح والبيان ، ولكن نذكر بيانا مستفادا من الكتاب والسنة لمن لا أنس له بمعنى هذه الكلمة ، فنقول : إعلم أنه كما يكون للأشياء والمظاهر في هذا العالم صورا ظاهرية ، كذلك لها حقيقة باطنية ، كما قال الله تعالى : ( ألا ! له الخلق والامر ) [1] ، فتدل هذه الكريمة على أن لهذا العالم المظهري الخلقي عالما آخر سماه الله تعالى ( عالم الأمر ) ، كما سماه أيضا ( الملكوت ) في قوله سبحانه : ( بيده ملكوت كل شئ ) [2] وقال تعالى أيضا : ( ألا ! إنهم في مرية من لقاء ربهم ، ألا ! إنه بكل شئ محيط ) [3] ، فيظهر من هذه الآيات أن للموجودات ملكوتا غير جهة ملكها وظاهرها ، وأن لكل شئ ما يكون محيطا به غير جهة شيئيته ، وهو الله سبحانه . والذين يتكلمون بفناء الأشياء في ذاته تعالى ، يريدون به إحاطته سبحانه على جميع الأشياء ، أو يشاهدون هذه الإحاطة عيانا ويتلفظون عما شهدوا بهذه الكلمة . فقد ظهر مما مر أنه ليس معنى الفناء هو الانعدام ونفاد الموجودات ، ولا أن يصير ما سواه تعالى من الممكنات واجبا ، والواجب تعالى ممكنا ، فإن هذا مما لا ينطق به