responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : روائع نهج البلاغة نویسنده : جورج جرداق    جلد : 1  صفحه : 70


رابعا ، يؤمن علي بأن قوى الخير في الإنسان تتداعى ويشد بعضها بعضا شدا مكينا .
فإذا وجد في إنسان جانب من الخير فلا بد من ارتباطه بجوانب أخرى منه ، ولا بد من ظهور هذه الجوانب عند المناسبات . وفي هذه النظرة إشارة صريحة إلى أن الوجود واحد متكافئ عادل خير سواء أكان وجودا عاما كبيرا ، أو وجودا خاصا مصغرا يتمثل بالانسان : ( إذا كان في رجل خلة رائقة فانتظروا أخواتها ! ) خامسا ، ومثل هذه العدوي الخيرة بين الخلال الرائقة ، عدوي مماثلة تنتقل من الخير إلى الشر بين الناس والناس : ( جالس أهل الخير تكن منهم ! ) و ( اطلبوا الخير وأهله ) .
سادسا ، الإيمان العميق في طاقة الإنسان أيا كان أن ينهج نهج الخير ، وأنه ليس من إنسان أجدر من إنسان آخر بهذا النهج : ( ولا يقولن أحدكم إن أحدا أولى بفعل الخير مني ! ) سابعا ، على المرء ألا يستكثر من فعل الخير كثيرا . بل إن ما يفعله من خير يظل قليلا مهما كان كثيرا لأن في الاكتفاء بقدر من الخير جحودا بخير الوجود العظيم وإنكارا لطاقة الإنسان الذي ينطوي فيه العالم الأكبر . يقول علي في أهل الخير : ( ولا يرضون من أعمالهم القليل ، ولا يستكثرون الكثير ، فهم لأنفسهم متهمون ، ومن أعمالهم مشفقون ( 1 ) ) ثامنا ، لا بد من الإشارة إلى النظرة العميقة التي يلقيها علي على مفاهيم النزوع الإنساني إلى ما يجعل الناس ، كل الناس ، في نعيم .
فإذا نحن نظرنا في آثار معظم المفكرين الذين أعاروا شؤون الناس اهتمامهم ، رأينا أن لفظة ( السعادة ) هي التي تتردد في هذه الآثار ، وأن مدلول هذه اللفظة إنما ، هو بالذات ، مدار أبحاثهم وغاية ما يريدون . أما علي فقد استبدل بلفظة ( السعادة ) هذه ما هو أبعد مدى ، وأعمق معنى ، وأرحب أفقا ، وأجل شأنا في ما يجب أن تتصف به الطبيعة الإنسانية ويصبو إليه . لقد استبدل ب‌ ( السعادة ) هذه ، لفظة ( الخير ) فما كان يوجه القلوب إليها بل إليه . لأن في السعادة ما هو محصور في نطاق الفرد ، ولأن الخير ليس


1 - من أعمالهم مشفقون : خائفون من التقصير فيها

70

نام کتاب : روائع نهج البلاغة نویسنده : جورج جرداق    جلد : 1  صفحه : 70
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست