responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : روائع نهج البلاغة نویسنده : جورج جرداق    جلد : 1  صفحه : 69


إليه . وهذا ما يؤكده علي بقوله هذا : ( أهل المعروف إلى اصطناعه أحوج من أهل الحاجة إليه ! ) وهذا ما يؤكده أيضا في عبارة يرجع إليها كلما تحدث عن اصطناع الخير بين الناس : ( والفضل في ذلك للبادئ ) وإذا ننتقل إلى النظر في الخير ومعناه على صعيد العلاقات بين الناس ، أمكننا أن نجزي آراء ابن أبي طالب في المجاري التالية :
أولا ، الخير بين الناس يكمن في أن يتعاونوا ويتساندوا ، وأن يعمل واحدهم من أجل نفسه والآخرين سواء بسواء ، وألا يكون في هذا العمل رياء من جانب هذا ولا إكراه من جانب ذاك لكي ( يعمل في الرغبة لا في الرهبة ) على حد ما يقول علي ، ثم أن يضحي بالقليل والكثير توفيرا لراحة الآخرين واطمئنان الخلق بعضهم إلى بعض ، وأن تأتي هذه التضحية مبادرة لا بعد سؤال ولا بعد قسر وإجبار . وكل ما من شأنه أن ينفع ويفيد ، سواء أكان ذلك على صعيد مادي أو روحي ، كان خيرا .
ثانيا ، يرى علي أن الخير لا يأتي إلا عملا أولا ، ثم قولا ، لأن الإنسان يجب أن يكون واحدا كالوجود الواحد ، وأن يساند بعضه بعضا وفاء لهذه القاعدة : فإن قال فعل ، وإن فعل قال . ومن روائع ابن أبي طالب كلمة قالها في رجل يرجو الله في أمر ولا يعمل من أجل هذا الرجاء : ( يدعي بزعمه أنه يرجو الله ! كذب والعظيم ! ما باله لا يتبين رجاءه في عمله ، فكل من رجا عرف رجاءه في عمله ! ) أما إذا عملت خيرا ، فمن حقك عند ذاك أن تقول خيرا : ( قل خيرا وافعل خيرا ! ) ثالثا ، يفسح علي في المجال أمام قوى الخير لأن تنطلق أبعد ما يكون الانطلاق ، وذلك بأن يجعل قبول التوبة عن الشر قاعدة يعمل بها . فإن أثم المرء مسيئا إلى الآخرين ، فإن في التوبة بابا يلجه من جديد إلى عالم الخير إذا شاء . يقول علي : ( إقبل عذر من اعتذر إليك ، وأخر الشر ما استطعت ) . ويعرف التاريخ مقدار الإساءة التي لحقت بعلي عن طريق أبي موسى الأشعري ، ويعرف كذلك أن عليا لا ينزع إلا عن مذهبه أية كانت الظروف والصعوبات ، لذلك نراه يبعث إلى أبي موسى قائلا : ( أما بعد ، فإنك امرؤ ضللك الهوى ، واستدرجك الغرور ، فاستقل الله يقلك عثرتك ، فإن من استقال الله أقاله !

69

نام کتاب : روائع نهج البلاغة نویسنده : جورج جرداق    جلد : 1  صفحه : 69
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست