نام کتاب : روائع نهج البلاغة نویسنده : جورج جرداق جلد : 1 صفحه : 68
خير الوجود وثورية الحياة لشد ما رأيناه يجعل ثورية الحياة كلا من خير الوجود ، وخير الوجود كلا من ثورية الحياة ! وقالت الثورة : أنا الهادمة البانية ! وليس من حق الوجود العادل إلا أن يكون خيرا كريما . وليس من طبيعته إلا العطاء وهو لا يأخذ ما يعطيه إلا ليعود إلى بذله طيبا جديدا . وخير الوجود كيان من كيانه وجوهره . وعهد علي به هو هذا العهد . وإحساسه بخيره هو إحساسه بعدله لا يقل ولا يزيد . وعلى ذلك تحدث عن هذا الخير فأكثر الحديث وقد روينا من أقواله من خير الوجود شيئا غير قليل . ولعل ما رويناه من تلك الروائع الصادقة نستطيع تلخيصه الآن بكلمة قالها وكأنه يوجز بها مذهبه المؤمن بخير الوجود : ( وليس الله بما سئل بأجود منه بما لم يسأل ) . فإذا عرفنا أن لفظة ( الله ) تعني في أقصى ما تعينه عند القدماء من أصحاب الأصالة الذهنية والروحية : مركز الوجود والروابط الكونية ، عرفنا أي خير شامل عميم هو خير الوجود الذي يمنحك ما تسأل ضمن شروط ، ثم يعطيك فوق ما تسأل ، ثم يزيد ! ولما كان الإنسان الذي يحسب أنه جرم صغير ، ممثلا لهذا العالم الأكبر على ما يقول ابن أبي طالب ، فلا بد أن يكون هو أيضا صورة عن الوجود بخيره كما هو صورة عنه بعدله . فإذا أعطاك الوجود فوق ما تسأله من خيره ، يكون قد بدأك لحاجة في طبيعته إلى أن يكون خيرا . وإذا كنت صورة عنه ، فأنت أحوج إلى اصطناع الخير من أهل الحاجة
68
نام کتاب : روائع نهج البلاغة نویسنده : جورج جرداق جلد : 1 صفحه : 68