نام کتاب : روائع نهج البلاغة نویسنده : جورج جرداق جلد : 1 صفحه : 59
موجهة إلى إنسان معين في ظرف معين ، أو من وحي هذا الإنسان في هذا الظرف ! لقد هاجم المرأة عندما كانت سببا في الفتنة ، وهاجم الرجل في مثل هذه الحال . فهو بذلك يهاجم الفتنة وحسب ! أما موقف علي من المرأة كإنسان ، فهو موقفه من الرجال كإنسان ، لا فرق في ذلك ولا تمييز . أوليس في حزنه العميق على زوجه فاطمة وقد توفيت ، دليل على إحساسه بقيمة المرأة كإنسان له كل حقوق الإنسان وعليه كل واجباته ، وفي أساس هذه الحقوق والواجبات أن ينعم بالحنان الإنساني وينعم به الآخرين ؟ أو لم يكن الناس في الجاهلية وبعد الجاهلية يتفاءلون بمولد الذكر ويفرحون ويتشائمون بمولد الأنثى ويحزنون ! أولم يكن موقف الفرزدق تعبيرا عن نظرة عصره إلى المرأة ، وهو عصر متصل بزمن ابن أبي طالب ، ساعة ماتت زوجته ، وكان يحبها على ما زعموا ، فقال فيها هذا القول العجيب : وأهون مفقود ، إذا الموت ناله ، على المرء من أصحابه من تقنعا أي أن أهون فقيد على المرء من أصحابه ومعارفه فقيد يلبس القناع ، ويريد به المرأة . فالمرأة في قلبه وعلى لسانه لا تستحق أن تبكي ، ولا أن يحزن عليها . لماذا ؟ لا لشئ إلا لأنها امرأة ! وعلي ، ألم يكن من أبناء ذلك الزمان ؟ ولكنه كان أنفذهم تفكيرا وأشرفهم نظرا وأعمقهم إحساسا ، فقال في جملة ما قال بهذا الشأن متلوما على أصحاب تلك العقلية الرعناء : ( وإن بعضهم يحب الذكور ويكره الإناث الخ ) . إذن ، فالذكور والإناث بمنزلة واحدة عند علي تجمعهم صفة الإنسان وحسب . أضف إلى ذلك أن عليا الذي يعطف على أناس عموما ، وعلى الضعفاء منهم خصوصا ، يفرض على الخلق الكريم أن يكون أشد حنانا على المرأة مستضعفة إن لم تكن ضعيفة ، فيقول : ( وانصروا المظلوم وخذوا فوق يد الظالم المريب وأحسنوا إلى نسائكم ) . ويقول في مكان آخر : ( آمركم بالنهي عن المنكر والإحسان إلى نسائكم ) .
59
نام کتاب : روائع نهج البلاغة نویسنده : جورج جرداق جلد : 1 صفحه : 59