responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : روائع نهج البلاغة نویسنده : جورج جرداق    جلد : 1  صفحه : 58


عن اكتساب أخوة الناس أكثرهم نقصا : ( أعجز الناس من عجز عن اكتساب الإخوان ) .
ويضيف علي إلى هذا العجز عجزا آخر هو الميل إلى المراء والخصومة قائلا : ( إياكم والمراء والخصومة ) بل إن الأولى هو لين الكلام لما فيه من شد الأواصر بين القلب ، منبع الحنان والقلب : ( وإن من الكرم لين الكلام ) . وليس بين نزعات القلب ما هو أدعى إلى الراحة من شعور المرء بأن له في جميع الناس إخوانا أحباء ، فإذا تألم ابن أبي طالب من سيئات زمانه ، جعل الخبز وهو آلة البقاء ، والصدق وهو ركيزة البقاء ، ومؤاخاة الناس في منزلة واحدة ، فقال في ناس زمانه : ( يوشك أن يفقد الناس ثلاثا : درهما حلالا ، ولسانا صادقا ، وأخا يستراح إليه ) .
وإذا كانت الغربة قساوة كبرى لأنها تستدعي الوحدة ، فإن أشدها يكون ساعة يفقد الإنسان إخوانه وأحباءه لأنه يفقد إذا ذاك قلوبا يعز بعطفها ويحيا بحنانها : ( والغريب من لم يكن له حبيب ) و ( فقد الأحبة غربة ) .
ولا بد لنا أن نشير إلى موقف ابن أبي طالب من المرأة على هذا الصعيد . فالمرأة نصف الإنسان ، فهل يخلو هذا النصف من العطف على نصفه الآخر ؟ وهل النصف الآخر مدعو إلى أن يجور على مقاييس العدالة الكونية القاضية بحنان الإنسان على الإنسان ؟
لقد أول الكثير بعض أقوال علي في المرأة تأويلا شاؤوا به الطرافة والترفيه فوق ما شاؤوا به أن يبرزوا موقف علي منها . فألحوا على كلمات له قالها في ظروف كان أبرز ما فيها عداء امرأة معينة له وهو لم يسئ ولم يأمر إلا بمعروف . وفاتهم أن مثل هذه الأقوال الخاضعة لظرف محدود بذاته ، والرامية إلى إيضاح الأسباب في صراع بين عقليتين مختلفتين كل الاختلاف ، إنما قال في بعض الرجال أشد منها وأقسى ، وهو بذلك لا يعني الرجال قاطبة وفي كل حالاتهم . كما أنه ، حين أطلق تلك الأقوال في المرأة ، لم يكن ليعني النساء قاطبة وفي كل حالاتهن . فإن مسببي الويلات التي ألمت به وبالخير عن طريقه ، تعرضوا لمثل هذه الأقوال سواء أكانوا رجالا أو نسوة لهن قوة الرجال ونفوذهم . وهو إن هاجم هؤلاء وهؤلاء من نسوة ورجال ، فإنما كان يهاجم فيهم مواقف معينة وقفوها من الحق والعدل وأصحابهما . وفي ذلك ما ينفي الادعاء بالإساءة إلى المرأة من قبل علي .
وإني لأسأل من يعنيهم الأمر أن يوافوني بكلمة واحدة يسئ بها علي إلى المرأة ولم تكن

58

نام کتاب : روائع نهج البلاغة نویسنده : جورج جرداق    جلد : 1  صفحه : 58
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست