نام کتاب : روائع نهج البلاغة نویسنده : جورج جرداق جلد : 1 صفحه : 23
وكذلك السماء والهواء ، والرياح والماء . فانظر إلى الشمس والقمر ، والنبات والشجر ، والماء والحجر ، واختلاف هذا الليل والنهار ، وتفجر هذه البحار ، وكثرة هذه الجبال ، وطول هذه القلال الخ . . . ) ثم استمع إليه يقول : ( لا تنالون نعمة إلا بفراق أخرى ، ولا يعمر معمر منكم يوما من عمره إلا بهدم آخر من أجله ، ولا تجدد له زيادة في أكلة إلا بنفاد ما قبلها من رزقه ، ولا يحيا له أثر إلا مات له أثر ، ولا يتجدد له جديد إلا بعد أن يخلق له جديد ، ولا تقوم له نابتة إلا وتسقط منه محصورة . وقد مضت أصول نحن فروعها ! ) إنه الوجود الواحد يتكلم عن نفسه ، بلسانه . وفي خاطري هذه المشابهة بين مقطع من معلقة امرئ القيس ، ومقاطع كثيرة من أدب ابن أبي طالب ، وهي تصب جميعا في معنى الوحدة الوجودية الكاملة . ثم تزيد عن ذلك بانطلاقة فذة إلى قهر الظالم والمعتدي ، وإلى نصرة الضعيف في النبت والأرض والبهيمة والأرض الواطئة حتى يستوي الوجود قويا بهيا . يقول الشاعر الكوني امرؤ القيس أولا ما خلاصته : لقد قعدت لذلك البرق أرقب من أين يجيء المطر ، ويا لروعة ما رأيت . لقد أقبل المطر من جهات أربع سيولا سيولا ! رأيته من بعيد فكان يمينه في تقديري على جبل ( قطن ) ويساره على جبلي ( الستار ) و ( يذبل ) . وراح الماء ينبجس شديدا هنا وهناك فتقلب سيوله الأشجار قلبا عتيا ، ومر على جبل ( القنان ) برشاشه فأكره الوعول على النزول عنه . بعد ذلك يقول الشاعر : وتيماء لم يترك بها جذع نخلة * ولا أطما إلا مشيدا بجندل كأن ثبيرا في عرانين وبله * كبير أناس في بجاد مزمل كأن ذرى رأس المجيمر غدوة * من السيل والغثاء فلكة مغزل وألقى بصحراء الغبيط بعاعه * نزول اليماني ذي العياب المحمل
23
نام کتاب : روائع نهج البلاغة نویسنده : جورج جرداق جلد : 1 صفحه : 23