نام کتاب : روائع نهج البلاغة نویسنده : جورج جرداق جلد : 1 صفحه : 17
الوحدة الوجودية وكان ما تباعد منها مضموما في وخدة طرفاها الأزل والأبد ! الأدب أصالة في الفكر والحس والخيال والذوق ، تربط بين صاحبها وجملة الكائنات في وحدة وجودية مطلقة . ثم تعبر عن نفسها بحياة تحيا على أصول من هذه الوحدة ، وبأسلوب جمالي هو تجسيم حي للتفاعل بين الأديب والكون . ولما كان العلم تجزئة كان الفن توحيدا . ولما كان العلم ينظر إلى الأشياء من حيث هي كائنات مجزأة في ظاهرها ، موحدة في أصولها وحقيقتها ، مما يؤول إلى فكرة الشمول الكوني والارتباط الكامل بين مختلف مظاهر الوجود ! وما كان الأدب إلا بهذا الشمول . وإذا كان الفلاسفة قد فطنوا إلى وحدة الوجود في العصور المتأخرة ، فإن الأديب قد فطن لها منذ كان الإنسان وكانت في أعماقه بذور الفن وأحاسيس الأدب . ذلك لأن دليل الفيلسوف عقله وقياسه ، وكلاها محدود بالنسبة للمركب الإنساني الحي . ودليل الأديب شعوره وإلهامه ، وهما انبثاق عاجل وامض عن جملة كيانه . ثم إن نظرة الفيلسوف إلى الكون كوحدة متفاعلة متكاملة ، إن هي إلا نظرة تظل سطحية إذا ما قيست بنظرة الأديب . فالفيلسوف يشاهد ويراقب ويقيس ثم يسجل . وأداته في ذلك العقل وحده ، والعقل شئ من الإنسان الحي بل قل هو جانب منه . والأديب
17
نام کتاب : روائع نهج البلاغة نویسنده : جورج جرداق جلد : 1 صفحه : 17