نام کتاب : دور أهل البيت ( ع ) في بناء الجماعة الصالحة نویسنده : السيد محمد باقر الحكيم جلد : 1 صفحه : 419
وهذا الأمر أدّى إلى خفاء هذا التفصيل في الحكم الشرعي على الأمة بسبب الظروف السياسية والثقافية التي أحاطت بأهل البيت ( عليهم السلام ) ، وإبعادهم عن موقعهم السياسي . وكان الخمس أحد الموضوعات ذات العلاقة بهذا الأمر ، باعتبار أن أهل البيت هم المرجع لهذا الخمس كما عرفنا [1] . بل قد يقال : إن النبي لم يبيّن هذا القسم من الخمس وإنما أخّره عن عصر التشريع ، وأوكل إلى الإمام بيانه في ظرفه المناسب له حسب المصالح الوقتية [2] . مضافاً إلى أن الخمس في أرباح المكاسب لم يكن من الأمور التي يمكن ضبطها من قبل الحاكم ، لأنه إنما يجب بعد ظهور الربح في التجارات واستثناء المؤنة السنوية لصاحب الربح ؛ وهذا مما لا يمكن ضبطه وتعيينه من قبل الحاكم الشرعي في ذلك ، شأنه شأن الزكاة في النقدين والتجارة التي يستثنيها فقهاء الجمهور من وجوب تسليمها إلى الحاكم باعتبارها من الأموال « الباطنة » بخلاف الأموال « الظاهرة » كالأنعام والغلاّت التي يمكن أن تضبط وتخرص ويجب تسليمها إلى الحاكم [3] . أضف إلى ذلك أيضاً أن أرباح المكاسب في عصر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كانت قليلة ومحدودة في عدد معيّن من الناس . كما أننا نرى أن فقهاء الجمهور يذهبون إلى وجوب الزكاة في أموال التجارة ، بخلاف الرأي السائد لدى فقهاء مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وهذا يفتح أمامنا احتمال أن يكون تشريع الخمس في أرباح المكاسب بالأصل قد تحوّل لدى فقهاء الجمهور إلى الزكاة في أموال التجارة ، بسبب عدم الضبط في تشخيص
[1] ويؤكد ذلك ما ذكرناه من موقف الخلفاء بعد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في حرمان أهل البيت ( عليهم السلام ) من خمس غنائم الحرب . [2] مستند العروة الوثقى ، كتاب الخمس : 196 . [3] الأحكام السلطانية للقاضي أبي يعلى الفراء : 115 ، والأحكام السلطانية للماوردي : 113 .
419
نام کتاب : دور أهل البيت ( ع ) في بناء الجماعة الصالحة نویسنده : السيد محمد باقر الحكيم جلد : 1 صفحه : 419