نام کتاب : دور أهل البيت ( ع ) في بناء الجماعة الصالحة نویسنده : السيد محمد باقر الحكيم جلد : 1 صفحه : 322
والآراء الفقهية إلى محاور للصراع والاصطدام ، وأصبح التعصّب المقيت للرأي - إلى حد تبرير ممارسة الاضطهاد - سمة عامة من سمات الحكم أو الفئات المذهبية [1] . ومن الطبيعي أن يرفض أهل البيت ( عليهم السلام ) هذا الخيار ولا يلتزموا بهذا المنهج تجاه أتباعهم ، لأن هذا الخيار يضرّ بسياسة التعايش مع المسلمين ووحدة الأمة الاسلامية تجاه أعدائها ، ويلغيها من الأساس . بل الأهم من ذلك هو أنه يترتّب على هذا الخيار أضرار أكبر من ذلك ، سواء لجماعة الشيعة والاتباع أنفسهم ، أو لجماعة المسلمين والمجتمع الاسلامي . أما الاضرار التي تتحقق للجماعة الصالحة من أتباع أهل البيت ( عليهم السلام ) فهي أن هذا الخيار قد يؤدي إلى استئصال الجماعة الصالحة والقضاء على مقومات وجودها الاجتماعي ، ومن ثمَّ إلغاء دورها في الحياة الاسلامية . بل قد يكون الضرر أشدّ من ذلك وهو وقوع البقية الباقية من أفرادها تحت طائلة الانحرافات العقائدية أو السلوكية ، والتحول إلى الباطنية أو الغلوّ ، أو التخلّي عن ممارسة الواجبات والشعائر الاسلامية والاكتفاء بالالتزامات النفسية والممارسات الروحية . كما أشرنا إلى ذلك في الخيار الأول أيضاً . ويلاحظ ذلك - مع الأسف - في بعض الفرق الشيعية المنحرفة التي انتهت إلى هذا المصير بسبب تخلّيها عن سياسة التعايش مع المسلمين والأخذ بمنهج العزلة
[1] هذه الظاهرة كانت من ظواهر المجتمعات المتخلّفة سياسياً وقد عرفها الانسان الأوروبي في العصور الوسطى من خلال محاكم التفتيش والصراع بين الكاثوليك والبروتستانت ، كما عرفها الانسان الشرقي في بعض الأدوار ، ولا زال الأوربيون يمارسون هذا النوع من الاضطهاد - أحياناً - كما هو في منع الفتيات المحجبات من الدراسة ، أو طرد بعض اللاجئين من البلاد لمجرّد ممارسة الشعائر المذهبية ذات الدلالة السياسية التي لا يتحمّلها الانسان الأوروبي . وكذلك نجد بعض الحكومات في البلاد الاسلامية تضطهد جماعات من الناس لمجرّد الممارسة المذهبية الخالصة أو التي تؤشّر على الهوية السياسية ، حتى لو كانت الممارسة غير سياسية .
322
نام کتاب : دور أهل البيت ( ع ) في بناء الجماعة الصالحة نویسنده : السيد محمد باقر الحكيم جلد : 1 صفحه : 322