الناحية من الزنادقة ، فقتل جماعة منهم وصلبهم ، وأتى بكتب من كتبهم فقطعت بالسكاكين ( 1 ) ، ونجد بعد هذا عند الطبري في ذكر حوادث عام 168 قوله : وفيها مات عمر الكلواذي صاحب الزنادقة ، وولي مكانه حمدويه وهو محمّد بن عيسى من أهل ميسان ، وفيها قتل المهدي الزنادقة ببغداد ( 2 ) .
وحدَّث المسعودي في مروجه عن عصر المأمون وقال : بلغ المأمون خبر زنادقة من أهل البصرة ، فأمر بحملهم إليه ، فلما جمعوا ، نظر إليهم طفيلي وحسبهم دُعوا إلى وليمة ، فدخل في وسطهم حتّى إذا سار بهم الموكلون إلى زورق في النهر قال الطفيلي : نزهة لا شك فيها ، وركب معهم الزورق ، فما كان أسرع ما جيء بالقيود ، فقيد القوم وقيِّد الطفيلي معهم ، فقال : بلغت من تطفلي إلى القيود ، وسأل القوم : من أنتم ؟ فقالوا : ومن أنت ؟ أمن إخواننا ؟ قال : والله لا أدري غير أنِّي رجل طفيلي ، وخرجت من منزلي اليوم فلقيتكم ، فقلت : اجتمعوا لوليمة ، فدخلت في وسطكم حتّى صرتم إلى الزورق ، فقلت : نزهة يمضون إليها وإلى بعض البساتين ، إنَّ هذا اليوم يوم مبارك ، فابتهجت سروراً ، إذ جاء هذا الموكلّ بكم فقيدني معكم ، فأخبروني ما الخبر ؟ فضحكوا منه وقالوا : الآن قد دخلت في الإحصاء وأوثقت في الحديد ، وأما نحن فمانية غُمز بنا إلى المأمون ، وسندخل إليه ويسائلنا عن أحوالنا ويستكشفنا عن مذهبنا ويدعونا إلى التوبة والرجوع عنه بامتحاننا بضروب من المحن ، منها إظهار صورة ماني لنا ، ويأمرنا أن نتفل عليها ونتبرأ منها ، ويأمرنا بذبح طائر ماء الدرج ( 3 ) فمن أجابه إلى ذلك نجا ، ومن تخلف عنه قتل ، فإذا دعيت وامتحنت فأخبر عن نفسك واعتقادك يخل عنك ، وزعمت أنك طفيلي ، والطفيلي يكون معه أخبار حسان ، فاقطع سفرنا هذا بشيء من

1 - الطبري / طبعة أوروبا 3 / 449 . 2 - الطبري / طبعة أوروبا 3 / 522 . 3 - في كتب اللغة : الدارج : طائر مشهور ، أمّا الدرج فلم أجد له معنى .

36