امر باحضار كاتبه ، ويعرف اليوم بكاتب الضبط ، فأخذ في تسجيل أسمائهم ومنازلهم واعمالهم وصفاتهم وبعد انتهائه من الضبط أخبر السندي بذلك فخرج من محله ، والتفت إلى عمرو فقال له : قم يا أبا حفص فاكشف الثوب عن وجه موسى بن جعفر ، فكشف عمرو الثوب عن وجه الامام ، والتفت السندي إلى الجماعة ، فقال لهم : انظروا إليه ، فدنا واحد منهم بعد واحد ، فنظروا إليه جميعا ثم قال لهم : " تشهدون كلكم أن هذا موسى بن جعفر ؟ . . " . " نعم " . ثم أمر غلامه بتجريد الامام من ملابسه ، ففعل الغلام ذلك ، ثم التفت إلى القوم فقال لهم : " أترون به أثرا تنكرونه ؟ . . " فقالوا : " لا " . ثم سجل شهادتهم وانصرفوا [1] . كما استدعى فقهاء بغداد ووجوهها ، وفيهم الهيثم بن عدي فسجل شهادتهم بان الامام مات حتف أنفه [2] وفعل هارون مثل ذلك من الاجراءات والسبب في ذلك تنزيهه من اقتراف الجريمة ، ونفي المسؤولية عنه . وضعه على الجسر : ووضع جثمان الامام سليل النبوة على جسر الرصافة ينظر إليه القريب والبعيد ، وتتفرج عليه المارة ، وقد احتفت به الشرطة ، وكشفت وجهه للناس ، وقد حاول الطاغية بذلك اذلال الشيعة والاستهانة بمقدساتها وكان هذا الاجراء من أقسى ألوان المحن التي عانتها الشيعة فقد كوى بذلك قلوبهم وعواطفهم يقول الشيخ محمد ملة : من مبلغ الاسلام أن زعيمه * قد مات في السجن الرشيد سميما فالغي بات بموته طرب الحشا * وغدا لمأتمه الرشاد مقيما ملقى على جسر الرصافة نعشه * فيه الملائك احدقوا تعظيما وقال الخطيب المفوه الشيخ محمد علي اليعقوبي : مثل موسى يرمى على الجسر ميتا * لم يشيعه للقبور موحد حملوه وللحديد برجليه هزيج * له الأهاضيب تنهد [3]
[1] حياة الإمام موسى بن جعفر 2 / 519 . [2] حياة الإمام موسى بن جعفر 2 / 519 . [3] حياة الإمام موسى بن جعفر 2 / 521 .