لقد تجرعت أنواع المحن والغصص والخطوب من طاغية زمانك فأودعك في سجونه ، وضيق عليك في كل شئ ، وحال بينك وبين شيعتك وأبنائك وعائلتك ، لأنك لم تسايره ولم تبرر منكره ، فقد تزعمت الجبهة المعارضة للظلم والطغيان ، ورحت تندد بسياسته الهوجاء التي بنيت على سرقة أموال المسلمين ، وانفاقها في ملذاته ، ولياليه الحمراء ، فسلام الله عليك غادية ورائحة وسلام الله عليك يوم ولدت ، ويوم مت ويوم تبعث حيا . تحقيق الشرطة في الحادث : وقامت الشرطة بدورها في التحقيق في سبب وفاة الامام ، وقد بذلت قصارى جهودها في أن الامام مات حتف أنفه لتبرئ ساحة الطاغية هارون ، وقد قام بذلك السندي ابن شاهك ، وكان ذلك في مواضع منها ما رواه عمرو بن واقد ، قال : ارسل إلي السندي بن شاهك في بعض الليل وأنا ببغداد فخشيت ان يكون لسوء يريده لي ، فأوصيت عيالي بما احتجت إليه ، وقلت : إنا لله وإنا إليه راجعون . ثم ركبت إليه ، فلما رآني مقبلا قال : " يا أبا حفص لعلنا أرعبناك وأزعجناك ؟ . . " " نعم " . . " ليس هنا الا الخير . . . " " فرسول تبعثه إلى منزلي ليخبرهم خبري . . " " نعم " . . ولما هدأ روعه ، وذهب عنه الخوف ، قال له السندي : " يا أبا حفص أتدري لم أرسلت إليك ؟ . . " . " لا " . " أتعرف موسى بن جعفر ؟ . . " " أي والله أعرفه وبيني وبينه صداقة منذ دهر . . " هل ببغداد ممن يقبل قوله تعرفه أنه يعرفه ؟ . . " " نعم " . ثم انه سمى له أشخاصا ممن يعرفون الامام ، فبعث خلفهم فقال لهم : هل تعرفون قوما يعرفون موسى بن جعفر ؟ فسموا له قوما فأحضرهم ، وقد استوعب الليل فعله حتى انبلج نور الصبح ، ولما كمل عنده من الشهود نيف وخمسون رجلا ، .