واقبل الامام على عادته على العبادة فكان في أغلب أوقاته يصلي لربه ، ويقرأ كتاب الله ، ويمجده ويحمده على أن فرغه لعبادته . كتابه إلى هارون : وأرسل الامام رسالة إلى هارون أعرب فيها عن نقمته عليه وهذا نصها : " انه لن ينقضي عني يوم من البلاء حتى ينقضي عنك يوم من الرخاء حتى نفنى جميعا إلى يوم ليس فيه انقضاء ، وهناك يخسر المبطلون " [1] . وحكت هذه الرسالة ما ألم بالامام من الجزع والأسى من السجن وانه سيحاكم الطاغية أمام الله تعالى في يوم يخسر فيه المبطلون . اغتيال الامام : وعهد الطاغية إلى السندي أو إلى غيره من رجال دولته باغتيال الامام ، فدس له سما فاتكا في رطب ، وأجبره السندي على تناوله ، فأكل منه رطبات يسيرة ، فقال له السندي : " زد على ذلك . . " . فرمقه الامام بطرفه ، وقال له : " حسبك قد بلغت ما تحتاج إليه . . " [2] . وتفاعل السم في بدن الامام ، وأخذ يعاني الآلام القاسية وقد حفت به الشرطة القساة ، ولازمه السندي ، فكان يسمعه مر الكلام وأقساه ، ومنع عنه جميع الاسعافات ليعجل له النهاية المحتومة . لقد عانى الامام في تلك الفترة الرهيبة أقسى ألوان المحن والخطوب ، فقد تقطعت أوصاله من السم ، وكان أشق عليه ما يسمعه من انتهاك لحرمته وكرامته من السندي وجلاوزته . إلى الرفيق الاعلى : وسرى السم في جميع اجزاء بدن الإمام ( عليه السلام ) ، وأخذ يعاني أقسى ألوان الأوجاع والآلام ، واستدعى الامام السندي فلما مثل عنده أمره ان يحضر مولى
[1] البداية والنهاية 10 / 183 . [2] حياة الإمام موسى بن جعفر 1 / 499 - 500 .